هى مجموعة من أسفار العهد القديم رفضها اليهود، بينما قبلتها الكنيسة منذ البداية بعد التأكد من قانونيتها ومساواتها لبقية الأسفار الموحى بهـا، وظلت مستخدمة فى جميع الكنائس – شرقاً وغرباً – كما اقتبس منها الآباء فى عظاتهم وكتاباتهم ودفاعهم عن الإيمان ضد الهراطقة، كما أخذت بعض هذه الأسفار مكانها بين ليتورجيات الكنيسة (مثل طوبيا والحكمة وابـن سيراخ وبـاروخ وتتمـة دانيـال) والتى تقرأ فى الصوم الكبير وأسبوعالآلام وليلة أبو غالمسيس وغيرها.
أما لماذا رفضها اليهود فقـد كـان ذلك فى مجمع يمنيا JAMNIA والذى عقد سنة 90م، حين قامـوا مـرة أخـرى بتحديـد الأسفـار القانونية للعهد القديم، فاستبعـدوا مجموعة من الأسفار مـن قائمـة كتبهم المقدسة رغم انتشارها فى ذلك الوقت، وكان السبب فى إعادة تحديد كتبهم المقدسة، هو اعتبارهم أن المسيحية قد خرجت عن الإطار اليهودى، ومن المحتمل بذلك أن تضيف بعض الأسفار إلى كتبهم، كما رفضوا الأسفار التى وجدت فى لغة غير العبرية، ولكن مجمع يمنيا الذى تم فيه الحكم بالتصويت، لم يكن معصوماً من الخطأ. لا سيما وأنهم شككوا فى بعض أسفارهم كالجامعة والنشيد، مثلما شكك مارتن لوثر فى بعض أسفار العهد الجديد، أما آباء ومعلمى الكنيسة الأولى فقد اعتبروها أسفاراً لها نفس أهمية الأسفار الأخرى، فى الوقت الذى رفضوا فيه أكثر من ثلاثين سفراً، اعتبروها كتباً تاريخية أو أدبية، لا ترقى إلى مستوى الأسفار التى نحن بصددها.
وقد رفضت الكنيسة أيضاً المصطلحات، التى ظهرت للتعبير عن هذه الأسفار، مثل:
+ Apocrypha أبوكريفا، ولكنه تعبير أصبح يطلق على الكتابات التى تحوى الأساطير والتعاليم المشكوك فى صحتها ونسبتها.
+ Pseudepigrapha بسودبجرافا، والذى يعنى الأعمال الكاذبة.
+ Deuterocanonicsl ديترو كانونيكال أى الأسفار القانونية الثانية. ولكن الأدق هو الإشارة إليها كأسفار من العهد القديم.
وهذه الأسفار هى: (سفر طوبيا – سفر يهوديت – تتمة سفر أستير – سفر الحكمة – سفر يشوع بن سيراخ – تتمة سفر دانيال – سفر نبوة باروخ – سفر المكابيين الأول – سفر المكابيين الثانى إضافة إلى: المزمور (151) وصلاة منسى الملك).
وقد ظلت الكنيسة منذ البداية متيقظة لأية محاولات تنال من هذه الأسفار، على مر السنين، ولعل أول صفة قانونية مجمعية توهب لهذه الأسفار كانت فى مجمع نيقية المنعقد سنة 325م حسبما صرح بذلك القديس جيروم، وكذلك مجمع هيبو HIPPO الذى عقد سنة 393م وحضره القديس أغسطينوس، أعقبه مجمعى قرطاجنة الأول والثانى سنة 397 وسنة 419م. وبفضل معلمى وآباء الكنيسة الأول، ضمت هذه الأسفار مع البقية ضمن مجلد واحد وفى عدة لغات، متخذة ترتيبها بين بقية أسفار العهد القديم.
إلى أن قام مارتن لوثر سنة 1534م. بإصدار طبعة جديدة للكتاب المقدس حذف منها هذه الأسفار معتمداً على رأى اليهود فيها، وكذلك لوجود بعض العقائد التى يرفضها البروتستانت. ونادى بعدم قانونيتها، وقامت الكنيسة الكاثوليكية بعقد مجمع ترنت (TRENT جمعية الثالوث) وذلك فى سنة 1546م، حيث أعلنت فيه (إن كل من لا يعترف بقانونية هذه الأسفار فليكن أناثيما) مستندين فى ذلك أيضاً على مجمع فلورنسا الذى عقد سنة 1439م، والذى أيّد هذه الأسفار وحرم كل من يرفضها، ثم تمّ تعضيد قرارات هذا المجمع (ترنت) فى مجمع الفاتيكان الذى عقد سنة 1870م. أمّا فى مصر فقد كانت الكنيسـة بمنـأى عـن هـذه الصراعات، ولم تدخل طرفـاً فيها، نظراً لقناعتها بهذه الأسفارضمن قائمة الكتب القانونية. وأما فى القسطنطينية فقد عقد مجمع،كملت أعماله فـى (ياش) سنـة1642م أيّد فيه قرارات المجامع السابقة على تاريخه، وأقّر قانونية هذه الأسفار، وكذلك الكنيسة اليونانية اتخذت نفس المـوقف فـى مجمـععقده البطريرك دوسيتاوس سنة 1672م فى أورشليم، وفى الهند قام العالم الكاهن (الكانن سل) بتشجيـع الكنيسـة هنـاك على الاهتمام بهذه الأسفار ودراستها.
ومن الآباء القديسين الذين اقتبسوا منها فى تعاليمهم وكتاباتهم: القديس كليمندس الرومانى، القديس بوليكاربوس أسقـف سميرنا، القديس كليمندس السكندرى،الأسقف يوسابيوس القيصرى، العلامة أوريجانوس، القـديس أثناسيـوس الرسولى، القـديس ديوناسيـوس الرومانى، القـديس ديديمـوس الضرير، القـديس كبريانـوس،العلامــة جيـروم، القـديس أغسطينوس، القديس ديوناسيوس السكندرى. ومن آباء الكنيسة اللاتينية: البابا ليون الكبير، البابا كليستوس بابا روما. إضافة إلى المجموعة الثانية من قوانين الآباء الرسل، ومجموعة تعاليم الآباء الرسل. وأخيراً فقد قامت دار الكتاب المقدس فى مصر (وللمرة الأولى) بعمل طبعة جديدة للكتاب المقدس بعهديه تتضمن هذه الأسفار.
سفر طوبيا (بعد نحميا) : يتناول السفر قصة عائلتين يهوديتين تعيشان فى السبى، الأولى هى عائلة طوبيا، حيث تسكن فى نينوى، والثانية عائلة رعوئيل فى أحمتا (إيران)، وقد تعرضت العائلتان للتجارب، فطوبيا التقى، يفقد غناه ثم يفقد بصره، وعندما يشعر بقرب نياحته، يستدعى إليه ابنه المسمّى طوبيا أيضاً، حيث يلقنه قائمة من الوصايا ثم يخبره بأن له وديعة مالية كبيرة، لدى شخص يعيش فى منطقة راجيس، وأما العائلة الثانية فقدُ جرّبت ابنتها سارة بتجربة قاسية وعجيبة، إذ تزوجت سبع مرات، كان يقتل الزوج فى الليلة الأولى للزواج. ويظهر على ساحة السفر الملاك روفائيل، فى شكل إنسان مستعدّ للسفر، ويرافق طوبيا الابن فى رحلته إلى راجيس، وفى الطريق يساعده فى اصطياد سمكة كبيرة، استخدم طوبيا قلبها وكبدها فى طرد الشيطان، وتزوج بسارة، وفى أثناء العرس يمضى الملاك روفائيل ليسترد له الوديعة المالية ثم يعود الجميع بعد ذلك (طوبيا وسارة والملاك) إلى طوبيا الشيخ حيث يستخدم الابن مرارة السمكة – كنصيحة الملاك – فى دهن عينى أبيه فيشفى من عماه، وعندئذ ينتحى الملاك بكل من الابن والأب ليعلن لهما عن حقيقته، ثم يوصيهما بتدوين ما جرى لهما فى كتاب، والتحدث بعجائب الله، ويعيش الجميع بعد ذلك فى سعادة شاكرين الله، منتظرين خلاصه وعودة إسرائيل من السبى.
سفر يهوديت (بعد طوبيا) : تدور أحداث السفر حول تعرض اليهودية لحصار الأشوريين بقيادة أليفانا والذى ضيق عليهم حتى أوشك الحكام على تسليم المدينة، وهنا تظهر يهوديت وهى أرملة تقية، عاتبت الشعب والحكام على شكهم فى عناية الله، ثمّ طلبت منهم أن يمنحوها فرصة لكى تنقذهم من هذه الضيقة، حيث صلّت إلى الله لكى يهبها حكمة لتنقذ ميراثه من الهلاك، ثمّ خرجت إلى خيمة القائد الأشورى متظاهرة بأنها جاسوسة على شعبها، فلمّا اطمئن إليها خدعته وقتلته، فتبدد شمل جيوشه وهربوا تاركين خيامهم لينهبها بنى إسرائيل، بعد أن علقوا رأس أليفانا على سور المدينة. واجتمعوا ليسبحوا الله على عنايته بهم. ولاشك أنه فى ظروف الحرب جميع السبل متاحة. مثلما حدث مع عجلون وإهود، وياعيل وسيسرا، واستير والملك، عندما تعرضت شعوبهم للهلاك.
تتمة سفر استير : تحتوى الطبعة التى بين أيدينا على عشرة إصحاحات فقط بينما تحتوى النسخة اليونانية (السبعينية) على ستة عشر إصحاحاً، تحتوى الزيادة على رسالتين للملك يطلب فى إحداها تدمير اليهود، وفى الثانية يوصى بهم خيراً، وكذلك صلاة كل من استير ومردخاى.
سفر حكمة سليمان (بعد تتمة استير) : ويعرض فيه سليمان الحكيم أقنوم الحكمة الابن الخالق الأزلى، ويصف الحكمة وصفاً رائعاً باعتبارها شخصاً، وقد دعت الحكمة الناس فى السفر إلى التعقل وترك ملاهى العالم، أمّا الملوك فقد دعاهم إلى طلب الحكمة النازلة من السماء، مثلما فعل هو. كما ندد السفر كثيراً بالأصنام وعابديها، ثم يختم السفر بتشجيع الأبرار والمضطهدين من أجل البر.
سفر يشوع بن سيراخ : هو آخر أسفار الحكمة فى الكتاب المقدس، وهو يحث على الزهد والتمسك بالتقليد والشريعة ولكن بشكل متوازن، وفى عصر انتشرت فيه الثقافة الهيلينية جاء السفر يقيم التوازن بينها وبين الفكر اليهودى، قدم الحكمة باعتبارها ينبوع لكل البركات، ومصدر كل سعادة، كما أثر السفر بشكل كبير على الآداب الرهبانية، حيث اقتبس منه الآباء كثير من السلوكيات.
سفر باروخ (بعد إرميا) : هو سكرتير إرميا النبى، كتب سفره ليعزى المأسورين فى بابل، كما قرأ فى مسامع الشعب السفر الذى أملاه عليه إرميا، فهاج الملك ومزق السفر وطلب قتل اثنيهما، ولكن إرميا أملاه مرة أخرى على باروخ. سجن مع إرميا ثم أخذا إلى مصر.
تتمة سفر دانيال : وتحتوى على تسبحة الفتية الثلاثة، والتى تحولت فى الكنيسة إلى الهوس الثالث، ثم قصة سوسنة العفيفة التى أنقذها دانيال بحكمته من الموت، ثم قصة البعل والتنين، فى الأولى يثبت دانيال سراب وخداع عبادة الأصنام والثانية ينقذ فيها أهل بابل من التنين الردىء الذى عبدوه رغم أذيته لهم، وقد ثار الوثنيين والسحرة عليه وهيجوا الملك ضده، ولكن الله خلصه من جب الأسود الذى ألقاه فيه.
سفرا المكابيين (بعد ملاخى) : إلى جوار ما فى هذين السفرين من قيمة لاهوتية وروحيـة فهمـا يلقيـان الضوء على الفترة التـى سبقـت العهد الجديد، مما يفيد كثيراً فى فهمه، والدور الـذى قـام بـه المكابيون هو حث الشعب على العودة إلى الله والعمل بالشريعة، واستئناف العبادة فـى الهيكـل بعد أن دنسه الوثنيون وهـددوا بقتل كل من يعمـل بالنامـوس،وقد نجحوا فى هزيمة السلوقييـن ودحرهم عن المنطقة، ومـن ثـمّ قاموا بتجديد الهيكل وتدشينه، وهـو الأمر الذى أشار إليه القديس يوحنـا فى (22:10) كما تحقق فـى السفريـن الكثير من نبوات العهد القديـم. وأهـم ما يؤكده السفران هو الأهمية القصـوى للحياة الليتورجية. يتحدث السفـر الأول عن قيادة يهوذا المكابى وإخوتـه بينمـا يركز الثانى على يهوذا وحده.
وقد اقتبس كتاب العهـد الجديـد منهـا الكثير كما استخدمها الآبـاء القديسيـن فى القرون الأولـى فـى عظاتهـم وكتاباتهم. وقد حان الـوقت لتأخـذ هذه الأسفار مكانها مرة أخرى فى اجتماعاتنا وقراءاتنا الخاصـة، ومناهج التربية الكنسية – لاسيما للنشىء – لنغوص فيها وننعـم
بكل ما فيها من أفكار وإشارات خلاصية، وحكمة.