الاستنساخ – لنيافة الأنبا موسى الأسقف العام

الرئيسية / الاستنساخ – لنيافة الأنبا موسى الأسقف العام

إن قصة النعجة “دولى” قد أشعلت العالم كله… فترى :

أولاً: ما هو الأستنساخ :

هو إمكان إنتاج نسخة طبق الأصل من كائن ما، مستخدمين خلية منه، وبويضة من كائن آخر من نفس النوع، ليكونا بمثابة “جنين” يزرع فى رحم مستعار، وينتج لنا هذا المخلوق “النسخة”..

وتفاصيل العملية كما يلى، آخذين مثال النعجة “دوللى”، التى انتجها العلماء حديثاً :

1- أخذت خلية من ضرع النعجة الفنلندية (أ).

2- هذه الخلية تحمل نسخة من كل الجينات الوراثية والصفات التى تحملها النعجة الفنلندية (أ) لذلك تعالج علمياً…

3- فتنقسم هذه الخلية وتتكاثر منتجة خلايا مشابهة لها، ثم يوقف انقسامها مؤقتاً…

4- أخذت بويضة من النعجة الاسكتلندية (ب).

5- حفظت البويضة حية، فى طبق ومحلول معالج علمياً .

6- أزيلت النواة من هذه البويضة.

7- بواسطة شرارة كهربائية تتحد الخلية بالبويضة، فتأخذ البويضة (منزوعة النواة) كل الصفات الوراثية التى للخلية الثديية.. لكى تنتج جنيناً يحمل كل صفات النعجة الفنلندية (أ).

8- تنمو الخلية وتتكاثر.

9- يزرع الجنين فى رحم نعجة مستعارة (ج).

10- ولدت النعجة (ج) نعجة صغيرة تحمل كل صفات النعجة (أ) الفنلندية .

 

ثانياً: هل هذا ممكن فى البشر :

عملياً ونظرياً… هذا ممكن.. وبدأت أبحاث فعلية على هذا الميدان…

فبعد أن كانت هذه خيالات علمية فقط، كما نقرأ فى كتاب “عالم جديد شجاع” للكاتب البريطانى “هكسلى”، أو فى رواية “روفيلك” عن مليونير طلب أن تكون هناك نسخة طبق الأصل منه فى إبنه.. واسم الرواية “على صورته”، أو كما جاء فى فيلم “أولاد من البرازيل”، الذى يتحدث عن إنتاج نسخ كثيرة من هتلر!! يجاهد العلم الآن فى أن يجعل هذا الخيال حقيقة… ونحن لا نعرف إن كان سينجح أم لا… ولكن علينا أن نستعد لكل الإحتمالات.

 

ثالثاً: ما هى المشكلات المتوقعة من ذلك :

1- قد يتصور البعض أن نجاح العلم فى استنساخ البشر… يطعن فى وجود الخالق… ولهذا ينزعج بعض رجال الدين… لكن الحقيقة هى أن العلم يبحث فى دائرة المحدودات والمحسوسات، بعكس الدين الذى يهتم – بالإضافة إلى الأمور المادية والزمنية – الأمور اللاهوتية والإيمانية، التى نسميها “الماورائيات”، أى ماذا وراء الطبيعة؟ ماذا وراء الزمن؟ ماذا وراء الموت؟… فلا تعارض بين الدين والعلم السليم…

2- بل أن العلم السليم، يدعم الإيمان، لأنه بينما هو يكتشف قوانين الكون والطبيعية والإنسان والوراثة، يدرك أن وراء ذلك كله الخالق العظيم، ومهندس الكون، ومعطى الحياة. فيسجد خاشعاً كما قال نيوتن تعليقاً على اكتشافه لقوانين الطبيعة: “كنت كطفل صغير، يلهو على شاطئ محيط ضخم” أو كما قال أينشتاين: “كلما ازددت دراسة للكون، ازددت إحساساَ بالجهالة” فهناك الكثير من أسرار الحياة والكون، نكتشفها رويداً رويداً.

3- إن كل ما يفعله العلماء، هو الخضوع المطلق لقوانين الكون، والسير فى خشوع وراءها، لكى يكتشفوا عوالم وقوانين أخرى جديدة. وهكذا عندما عرفوا قوانين الفلك والجاذبية الأرضية والسرعة والزمن، استطاعوا الوصول للقمر… وما كان لهم أن يخترعوا قوانين جديدة، أو أن يتحدوا القوانين الموضوعة. وحينما سافر رواد الفضاء السبعة فى سفينة الفضاء “تشالنجر”  (أى المتحدى)، وكان فيه عطل بسيط، سقطت محترقة بكل من فيها، لأنها لم تتواكب مع قوانين الكون، التى وضعها مهندسه الأعظم.

4- بل أن – فوق الكل – فمهما عرفنا عن الخلية، وتفاعلاتها، وانقساماتها، وجيناتها، فنحن لا نستطيع أن “نخلق”
خلية حية، فالحياة قادمة من الله، الذى “فيه كانت الحياة” (يو 4:1)، والذى نحن به “نحيا ونتحرك ونوجد” (أع 28:17)،
فالله هو أصل الوجود، ومعطى الحياة وخالقها.

5- إن هذه المحاولات لاستنساخ
البشر، والتى ربما تنجح، تضعنا أمام تساؤلات كثيرة :

أ- هل ستنجح هذه المحاولات فعلاً، أن ننسخ صورة طبق الأصل من إنسان ما، مستخدمين خلية منه، مع بويضة منزوعة النواة من امرأة، دون حاجة إلى حيوان منوى!!

ب- هل سينشأ هذا الإنسان “النسخة” عقيماً؟ أو قابلا للشيخوخة السريعة؟

ج- أليس فى هذا إلغاء للتناسل؟ فلا حاجة للرجل، يكفينا أن نأخذ منه “بذوراً إنجابية” ونحفظها فى البنك.

د- ماذا عن الشخصية الإنسانية لهذا الإنسان “النسخة”؟ هل سيكون مجرد تشابه بيولوجيا مع المنسوخ عنه، ثم يكافح عقلياً ودينياً بطريقة مختلفة؟

هـ- وماذا عن الأسرة؟ لا حاجة للأسرة هنا، فيكفينا الخلية المحفوظة، والبويضة المأخوذة، والرحم المستعار، لنحصل على طفل بلا أب، وبلا أم، وبلا أسرة؟!

و- سيكون هناك قطعاً – خلط للأنساب، فمن الممكن أن تطلب امرأة نسخة من أمها المتوفاة، تزرعها فى رحمها أو فى رحم مستعار أو مستأجر‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‌.‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍

ز- ماذا عن غريزتى الأمومة والأبوة.. فى هذه الأحوال؟

ح- وماذا عن التوازن الطبيعى بين الجنسين، إذ ربما يطيب للدول أن تنتج ذكوراً أكثر من الإناث أو غير ذلك.

ط- الطفل الجديد لن يحمل صفات إلا من أمه فقط، والمشروع أن يأتى الطفل ثمرة زواج مقدس، بين رجل وإمرأة، يعطيان من صفاتهما معاً للأطفال المولودين منهما.

 

رابعاً: هل من خير محتمل فى الأستنساخ :

+ بالنسبة للبشر، فقد يأتى الخير من استطاعة العلماء التعامل مع الأمراض، فينتجون خلايا حيوانية تصلح للإنسان، أو أعضاء أو صمامات ..

+ وبالنسبة للحيوانات قد يستطيع العلماء إنتاج سلالات أفضل من الأبقار مثلاً، تنتج ألباناً ذات كفاءة بروتينية عالية، تصلح للأطفال المبتسرين… أو لإنتاج فريد من اللحوم أو الألبان أو الأصواف أو لمنع حيوان معين من الإنقراض…

+ وبالنسبة للنبات، قد يتمكن العلماء من إنتاج سلالات تقاوم العطش والملوحة والآفات…

 

ختاماً…

– قال بروفيسور كورى أن العلماء قد ينجحوا فى استنساخ الإنسان خلال عشر سنوات.

– وبدأ علماء أمريكا فى أوريجون استنساخ قرد… وهو من الثدييات.

– ونحن ننتظر ماذا سيفعل الإنسان بالعلم؟ هل سيجعل منه وسيلة لنمو الإيمان وبناء الإنسان، أم وسيلة للدمار وتشويه البشر؟!

إن الله خلق الإنسان حراً، وعليه أن يختار، ويتحمل مسئولية إختياره، ولقد أعطاه العقل وزنة لخيره، ولكنه يستطيع أن ينحرف بها فتصير شريرة ومدمرة .

إن إكتشاف الطاقة النووية ساعد فى
إنتاج الكهرباء من أجل نمو الصناعة، لكن الإنسان انحرف بها للتدمير فى هيروشيما وناجازكى!!!

كما أن نوبل اكتشف الديناميت لإنشاء الطرق، لكن الإنسان استخدمه فى تدمير نفسه!!!

كذلك فشبكة الإنترنيت جاءت لنشر المعلومات البناءة، لكن الإنسان أفسدها إذ وضع عليها أفلاماً مدمرة!!!

أيها الإنسان.. أنظر.. ماذا ستفعل بنفسك، وبغيرك!؟ فليكن العلم فى خدمة الإنسان،
لا فى تدميره.

مشاركة المقال