التأمل فى حياة السيدة العذراء
كانت السيدة العذراء رمز ونموذج لحياة التأمل والعبادة والصلاة..
فمنذ طفولتها المباركة كانت فى الهيكل تتأمل وتتعبد وتصلى، وحتى بعدما كبرت فى السن وخرجت من الهيكل، وذهبت إلى بيت يوسف النجار كانت مصرة على حياة البتولية التى تساندها بالتأمل والعبادة والشركة الحية مع الله وحتى بعد أن حبلت بالرب يسوع وبعد أن ولدت الطفل الإلهى.. يقول الكتاب عنها. “أما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به فى قلبها”. ولكن السؤال هو.. العذراء كانت تتأمل كيف؟ وفيما نتأمل نحن؟
هناك عدة مدارس فى التأمل.. المدرسة الأولى هى نصوص الكتاب المقدس، الثانية شخصيات الكتاب المقدس، الثالثة سير القديسين، الرابعة هى أحداث الحياة.
أولاً نصوص الكتاب المقدس :
الإنسان المسيحى يلهج فى كلام الرب نهاراً وليلاً، لأن كلمات الإنجيل هى روح وحياة، أى بمثابة الأكسجين الروحى والنسمة الروحية لأنه كما أن نسمة الهواء تحى جسده، فإن كلمة الروح تحى روحه.
لذلك الإنسان يجب ألا يكف عن قراءة الكتاب المقدس أبدأ، بل ويقرأه بإنتظام فهذه الكلمات هى رسالة الله فى حياته وكلمة الله إلى قلبه. نحن فى أحتياج دائم لقراءة الكتاب المقسد بتأمل، نقرأ الإصحاح ونحن مفتوحى الذهن والقلب.
“أليست كلمتى كنار يقول الرب وكمطرقة تحطم الصخر” فالإنسان الذى يقرأ الكتاب المقدس نار الروح القدس تحرق شوائب الخطية التى فيه، ومطرقة الروح القدس تحرق شوائب الخطية التى فيه، ومطرقة الروح القدس المبكت تحطم الصخر الذى يعترض حياته.. كلمة الله نار.. مطرقة.. خبز يشبع ويحيى كلمة ربنا سيف بتار – “كلمة الله حية وفعالة وأقوى من كل سيف ذى حدين”.
إذن فعند سماعى تعليم غريب كلمة الله سيف بتار تحكم عليه وتقول هذا خطا وتقطعه.. عادة رديئة لدى الناس كلمة الله تقطعها.
كلمة ربنا أيضاً نور وسراج “سراج لرجلى كلامك ونور لسبيلى” فالوصية مصباح والشريعة نور.
ليتك تسأل نفسك – هل استطعت أن تقرأ الكتاب المقدس كاملاً بتأمل وبانتظام؟ ليتك تأخذ تعهداً على نفسك الآن بقراءة الكتاب المقدس يومياً.. وبروح التأمل!!
ثانياً شخصيات الكتاب المقدس :
الإنسان الذى يقرأ الكتاب لن يجد فقط كلام الله ولكن أيضاً شخصيات نتعلم منها.. آدم وحواء نتعلم منهما عدم الحوار مع الشيطان.. قايين وهابيل نتعلم الذبيحة المقبولة ومحبة الأخوة – نوح.. سأسير مع الله حتى ولو كنت كمازح فى عيون العالم.. إبراهيم.. نترك كل شئ من أجل أن نتبع الله واسحق نتعلم منه كيف نتمسك بالمواعيد الإلهية.. أنظروا هذا فى سفر واحد فقط جزء بسيط منه (سفر التكوين) ماذا عن باقى الأسفار!!
ثالثاً سير القديسين:
من يريد التأمل يذهب ويقرأ فى سير القديسين، قد يقول البعض أنهم من القرن الرابع أقول لا صحيح أنهم من القرن الرابع وما قبله وما بعده ولكنك أنت كإبن لله تقرأ سيرة القديس فتعلق وتحب فضيلة معينة فيه. هذه الفضيلة تمتصها دون أن تشعر.. إذا أعجبت بفضيلة فى العذراء كالتسليم تأخذ قبساً منها.. “هوذا أنا أمة الرب ليكن لى كقولك” لتكن مشيئتك.. مهما حدث ومهما ظن الناس بى.. حتى لو أن ظهر الحمل سترجمين.. لكن لتكن مشيئتك، وها هى عند الصليب فى تسليم عجيب.. “أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص وأما قلبى فيلتهب عند النظر إلى صلبوتك”.
رابعاً أحداث الحياة :
لو حدث فى حياتك بركة أو تجربة تأمل فيها وتعمق فيها .. لو حدث فى حياتك نجاح أو فشل تأمل فيه لأن الله يكلمك من خلال هذا الحدث.. أعرف طبيباً كان مستهتراً جداً ومن شدة استهتاره كان يعلم ابن أخته كل الخطايا وفى إحدى المرات وهما عائدين من الإسكندرية مشبعين بالرذائل تحدث حادثة لهما وينتقل الشاب الصغير إلى العالم الآخر.. بدأ يشعر أنه نجى من الحادثة وانه سبب هلاك هذا الشخص، وبدأ يبكى بالدموع أمام الله ليقدم توبة لله يقسمها بينه وبين هذا الشاب يتوب ويصلى إلى الله، أن يغفر لهما وتحول اتجاه هذا الإنسان نحو الله.
نحن نحتاج أيها الأحباء أن نتعامل مع الله من خلال الحياة اليومية أن كان نجاح أشكرك يارب، وإن كان فشل ماذا تريد أن تقول يارب، وأن كانت تجربة أسمع صوت ربنا “الرب فتح لى أذناً لأسمع كالمتعلمين”.
أحبائى:
تعالوا نعيش حياة التأمل التى عاشتها السيدة العذراء القديسة مريم.
الله يعطينا ألا نصوم وألا نحتفل بأعياد القديسين فى روح جسدية، ولكن فى فرحة روحية مقدسه حتى نسير ورائهم على نفس الدرب ونصل معهم إلى أورشليم السمائية ونحيا معهم مع الرب.. آمين.
نيافة الأنبا موسى