أولاً: العوامل المؤثرة فى تكوين الشباب
تتباين نوعيات الشباب بسبب عوامل كثيرة منها :
1- العوامل الوراثية : كالذكاء والأمراض.
2- العوامل المادية : بين فقير ومتوسط وثرى
3- العوامل التربوية : أى نوع من التربية تلقاه الشباب.. ما هو المستوى الروحى والثقافى والإجتماعى والحضارى الذى نشأ فيه الشاب أو الشابة.
4- العوامل البيئية : هل نشأ فى قرية أم مدينة.. فى حىّ شعبى أو متوسط أو ثرى أو خارج مصر..
5- العوامل الشخصية : ماذا واجه الشاب وهو طفل.. وهو فتى.. وهو فى شريحة الشباب؟
6- العوامل الوجدانية : من هم أصدقاء الشاب؟ وما نوعيتهم؟ وما مدى تأثيرهم عليه: سواء من جهة
التأثير (الكم) أو نوعية التأثير (الكيف)؟
7- العوامـل الرعوية : هل نشأ طفلاً وفتى وشاباً داخل الكنيسة؟ وما مدى عمق هـذه الرعاية فى نفسه؟ أم أنه متردد: يحضر مرة ولا يحضر أخرى؟ أم أنه بعيد تماماً عن الكنيسة؟ أم أنه متعثر من بعض شخصيات دينية؟
8- العوامل الفردية : فهناك فروق كثيرة بين شاب وآخر، وبين شابة وأخرى.
9- العوامل النفسية : كحصيلة لما ولد به، وما عاش فيه، والمصارعات التى أثرت فى نفسيته، والعوامل التى كونت نفسيته.
10- العوامل المجتمعية : وما قد تكون سببت لديه من حالة اغتراب، أو رفض أو استكانة أو إحساس بالاغتراب أو رغبة فى الهجرة.
هذه العوامل – وهى مجرد أمثلة – لاشك أن لها تأثيرها فى تكوين نوعيات متعددة من الشباب، تحتاج إلى أساليب خدمة مختلفة، ومداخل متعددة، فالإنسان جوهر خصوصى، ويستحيل أن نتعامل مع البشر كماكينات متشابهة فى تركيبها، يصلح لها نفس الكتالوج وآلية التشغيل، ولا كأرقام تجعل من المجموعة الصغيرة التشابه المطلق.. بل حتى مع مرور الأيام، وتقدم السن، وتغير ظروف الحياة، وقيم المجتمع.. لابد أن نجد تغيراً فى الإنسان الواحد من سن الفتيان إلى الشباب المبكر، إلى المتأخر… وهكذا.
1- كيف نخدم الشباب فردياً ؟
إن كانت هذه الدراسة تقدم لنا بعض عينات من سلوكيات الشباب، فنحن نضعها كلبنات يستخدمها الرب أثناء خدمتنا للشباب فردياً، ومن غير المعقول أننى – بعد أن ألتقى بالشباب – أعود إلى هذه التصنيفات، لأعرف من أى نوع هذا الشاب أو ذاك..
ففى النهاية العمل كله هو لروح الله.. نحن نصلى، ونقرأ، وندرس، ونجتهد.. لكن الله هو العامل فينا وفيهم يرشدنا ويعمل فينا وفيهم، بروحه القدوس…
+ فلننسكب أمام الله باستمرار.
+ ليرشدنى الرب إلى ماذا أقول.
+ وليعطى القوة فى الكلمة، لتكون فعالة، وتؤتى ثمرها فينا، وفى النفوس التى نخدمها…
وما لم نفعل ذلك، ندخل فى حالة اجتراء، بل أتجاسر وأقول “افتراء” علــى نعمـة الله، وعمــل روحــه القـدوس، فالإنسـان إنسان، ليـس فيـه سـوى الضعــف والجهالة. والله هو الذى يعطى القوة والاستنارة..
وهذا الكلام ليس مجرد تمهيد للحديث، بل هو القاعدة الجوهرية، التى بدونها ينهار البناء كله… الانسكاب، الإرشاد، طلب المعونة والقوة من الله، للخادم والمخدوم، من أجل تنفيذ الإرشاد.. فالنصائح سهلة، والمعلومات متوفرة، والكتب كثيرة.. المهم هى القوة الإلهية العاملة فى البشر.
2- لماذا نهتم بالشباب فردياً ؟
1- لأن النفــس الواحـدة، ذات قيمـة غاليـة جــداً عنـد الرب، فالـرب لا يعطينــى جزءاً من محبته بل كل محبته؟ ذلك لأن محبة الرب اللانهائية، إذا
ما حاولنا تقسيمها على عدد كبير من البشر، تظل أيضاً لا نهائية. كل نفس لها فى قلب المسيح، محبة لا نهائية. ومع أننا أحياناً نتهاون مع النفس الواحدة حينما تضيع، إلا أن الله يجد فى هذه النفس، خروفاً غالياً وثميناً، لن يهدأ حتى يحاول بكل الطرق أن يرجعه إليه، ليضم ثانية
إلى القطيع، ويأتى إلى المراعى الخضراء، ومياه الراحة، والراعى الصالح. إن كل نفس هى غالية أمام الله، غلاوة الكل.
2- إن كل نفس فيها وزنات هامة، وليس إنسان بدون وزنات. حتى المعاق عقلياً عنده وزنة أن يستثير فيمن حوله الشفافية والرقة، فيتصاعد الشكر من قلوبنا للرب المحب، الذى أعطانا العقل والصحة، كما يجعل الإنسان يشعر بأنه ليس المكون للجنين، ولا الضامن لسلامته، بل هى عطية الله.
3- كل إنسان لديه وزنات، ودور خاص فى الحياة… والبشر – على اتساع الأرض – لديهم مواهب، وطاقات، وقوة كامنة.. وعلينا كخدام أن :
+ نكتشف هذه الطاقات…
+ ونقوم بتشغيلها…
+ وننسق فيما بينها…
+ ونتابعها…
+ وننميها…
وهذا لا يتأتى إلا من خلال خادم يؤمن بقيمة النفس ووزناتها، ويحاول بالصلاة والأمانة اكتشافها وإفادة الجسد الواحد منها، ففى النهاية كلنا أعضاء فى جسد واحد، نتنوع، ونتكامل
4- وهنـاك أيضـاً فـروق فرديـة بين النفـوس..والعظــــة الجميلــــة للجموع، يختلف تطبيقها لدى كل نفس، حسب: شخصيته، وظروفه، وطبيعته، ومشاربه، ومشاكله: الشخصية والأسرية والمجتمعية.
هناك تنوع كبير – إذن – بين الشباب، وإذا كنا قد ألقينا كلمة عامة للجميع فى الإجتماع، يحتاج كل شخص إلى كلمة خاصة تناسب ظروفه، واحتياجاته، ومواهبه.. وذلك من خلال الخدمة الفردية..
ثانياً: نوعيات فى مجال الإنحرافات
1- المنحرف جنسياً :
سواء فى الإتجاه الطبيعى أو الشاذ أو العبوديات المختلفة… وهذا يحتاج إلى مواجهة حانية مليئة بالحب، وإرشاد روحى وعلمى، وربما استعانة بطبيب نفسى.. المهم أن نقدم للشباب الثقافة الجنسية، السليمة روحياً وعلمياً، كوقاية من الإنحراف، فإذا ما حدث الإنحراف، فلابد من رعاية روحية وعلمية ونفسية، حتى يخرج الشاب من محنته، ويتحرك إيجابياً فى الإتجاه السليم، والمستقبل الناجح.
2- المدمن :
لابـد مـن وقايـة لشبابنــا بالمعرفـة السليمة لهذه الكارثة، وبالأحــرى لابـد من تكويـن شبابنـا روحياً ونفسياً واجتماعياً بحيث لا يسقط فى الإدمان. وكذلك لابد من الاكتشاف المبكر للحالات، وإقناعها بالحب والحّوار، لكى تستجيب للعلاج الـلازم، والتأهيـل المطلوب، مع خلـق
مجتمع بديل بالكنيسة، يحتوى هذا الشـاب، ويستغنى به عن مجتمعه الأول، وربما عن مشاكله العائلية، التى قادته إلى هذا الإنحراف الخطير.
3- المريض نفسياً :
سواء فى دائرة مرض مزمن، أو فى صورة مرض حاد، وهياج.. ويحتاج الخادم إلى بعض الدراية النفسية التى تجعله يميز بين شاب “متأزم” نفسياً… وهذا طبيعى وعادى، ويحتاج إلى فرصة حوار روحى هادئ، وجرعة إيمان وحب… وبين شاب “مريض” نفسياً لابد له من علاج طبى، سواء بالعقاقير أو التحليل النفسى أو الصدمات الكهربائية..
وذلك من طبيب متخصص.. ويستحسن أن يكون الطبيب إنساناً روحياً ليميز بين التدين السليم والمريض، فكثيراً ما يختبئ هؤلاء المرضى نفسياً، داخل الدين والجماعة المتدينة، كسياج يحميهم من المجتمع القاسى حولهم، والذى لا يكف عن الاستهزاء بهم… أو لأن الدين مع هؤلاء المرضى نوع من الهروب من الواقع المؤلم، واللجوء إلى “يوفوريا” مريحة!
القارئ الحبيب…
استميحك عذراً فيما كتبت… فهذه بعض سلوكيات شبابية يمكن أن نصادفها فى الخدمة، ويبقى فى النهاية أن نقول: “إِنْ لَمْ يَبْنِ الرَّبُّ الْبَيْتَ، فَبَاطِلاً يَتْعَبُ الْبَنَّاؤُونَ. إِنْ لَمْ يَحْفَظِ الرَّبُّ الْمَدِينَةَ فَبَاطِلاً يَسْهَرُ الْحَارِسُ” (مز 1:127).
فإن كان “رَابِحُ النُّفُوسِ حَكِيمٌ” (أم 30:11) إلا أن الرب قال: “بِدُونِى لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئاً” (يو 5:15) فليعطنا الرب المعونة لخدمته، وخدمة أولاده..