النظرة المسيحية إلى الجسد(أ) – نيافة الأنبا موسى

الرئيسية / النظرة المسيحية إلى الجسد(أ) – نيافة الأنبا موسى

استخدمت كلمة “الجسد” – فى العهد الجديد – بمعنيين :

أ- الجسد أى الجسم التشريحى الفسيولوجى.. أى الأعضاء.

ب- الجسد… بمعنى تيار الإثم العامل فى الجسم، ومن خلاله.

1- الجسم التشريحى :

تنظر المسيحية بقدسية تامة إلى الجسم التشريحى، الذى خلقه الله باراً فمع وجود أعضاء مختلفة، وأجهزة متنوعة، إلا أن هذه جميعاً كان من الممكن أن تسير سيراً حسناً، فى قداسة وبر. حتى التناسل – فى رأى الكثيرين – كان من الممكن أن يتم بصورة مقدسة، دون وطأة جسد أو إنحراف حسى، الأمر الذى حدث حينما دخلت الخطية إلى جسدنا ولوثت طبيعتنا، وأفسدتها، فصارت طبيعة خاطئة، تنتج الكثير من الخطايا، مستخدمة هذه الأعضاء المقدسة، التى خلقها الله – فى الأصل – طاهرة ونقية… فصارت ملوثة ومنحرفة.

إن الرب نفسه قد أخذ جسدنا – كما هو – ما خلا الخطيئة وحدها.

وفى هذا تكريم للجسد الإنسانى، وتقديس له بالفداء، ووصول به إلى الجسد النورانى، جسد القيامة والخلود.. وهذه بعض الآيات التى تتحدث عن جسد السيد المسيح، الذى بلا خطية :

+ “عظيم هو سر التقوى، الله ظهر فى الجسد” (1تى 16:3).

+ “والكلمة صار جسداً، وحل بيننا” (يو 14:1).

+ “نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة” (عب 10:10).

+ “دهنت بالطيب جسدى للتكفين” (مر 8:14).

+ “حمل هو نفسه خطايانا فى جسده على الخشبة” (1بط 24:2).

ونحن نصّر – فى الفكر الأرثوذكسى – أن السيد المسيح أخذ من السيدة العذراء ناسوتاً كاملاً، أى أنه أخذ الطبيعة البشرية كما هى، ما خلا الخطية وحدها.

أخذ جسداً إنسانياً + نفساً إنسانية + روحاً إنسانية. وأن اللاهوت فى ربنا يسوع المسيح، لم يلغ الروح الإنسانية فيه، وإلا صار ناسوت المسيح مختلفاً عن طبيعتنا البشرية، المكوَّنة من جسد، ونفس، وروح إنسانية.

2- الجسد بالمعنى الفسيولوجى :

“الجسد” إذن فى الكتاب المقدس قد يعنى “الجسم” التشريحى الفسيولوجى، الذى لا يكون سبباً فى إحداث الخطيئة، فالخطيئة تنبع من تيار الإثم والشهوات، العامل داخل الجسم التشريحى. وهذه بعض الآيات التى تتحدث عن جسد الإنسان الفسيولوجى :

+ “إن كانت عينك اليمنى تعثرك (تيار الإثم هو الذى يعثرنا وليس العين التشريحية بالطبع)… “فأقلعها وألقها عنك، لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك، ولا يلقى جسدك كله فى جهنم”
(مت 29:5).

+ “إن سلمت جسدى حتى أحترق، ولكن ليس لى محبة، فلا انتفع شيئاً” (1كو 3:13).

+ “لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد” (مت 28:10)… فالمقصود هو الجسد التشريحى الفسيولوجى.

3- الجسد بمعنى تيار الإثم :

وقد استعمل الكتاب المقدس كلمة “جسد” فى مواضع كثيرة، بمعنى تيار الإثم والشهوة، العامل فى الجسم الإنسانى، وهذه بعض الأمثلة :

+ “المولود من الجسد، جسد هو، والمولود من الروح، هو روح” (يو 6:3).

+ “ويحى أنا الإنسان الشقى، من ينقذنى من جسد هذا الموت” (رو 24:7).

+ “أقمع جسدى، وأستعبده، حتى بعد ما كرزت للآخرين، لا أصير أنا نفسى مرفوضاً” (1كو 27:9).

+ “اهتمام الجسد هو موت.. اهتمام الجسد هو عداوة لله” (رو 8: 6،7).

+ “أعمال الجسد ظاهرة التى هى زنا، عهارة، نجاسة، دعارة، عبادة الأوثان، سحر، عداوة، خصام، غيرة، سخط، تحزب، شقاق، بدعة، حسد، قتل، سُكر، بطر” (غل 5: 19،20). لاحظ أن بعض هذه الخطايا كالحسد والغيرة والسخط ليست لها علاقة بأعضاء الجسد التشريحية، فهى خطايا نفسانية شهوانية، نابعة من تيار الإثم العامل فى الجسم.

 

مشاركة المقال