سبعة شواهد على وجود الله – نيافة الأنبا موسى

الرئيسية / سبعة شواهد على وجود الله – نيافة الأنبا موسى

يحاول البعض – هذه الأيام – تجديد فكرة الإلحاد الذى ينكر وجود الله، أو يرفض وجود الله. ومعروف إن الإيمان بالله إيمان فطرى منذ الطفولة، فى داخل قلوبنا “أَيْضًا جَعَلَ الأَبَدِيَّةَ فِي قَلْبِهِمِ، الَّتِي بِلاَهَا لاَ يُدْرِكُ الإِنْسَانُ الْعَمَلَ الَّذِي يَعْمَلُهُ اللَّهُ مِنَ الْبِدَايَةِ إِلَى النِّهَايَةِ ” (جا11:3).

ولكن هذه فكرة عن بعض الشواهد على وجود إلهنا العظيم:

أولاً: عقيدتنا فى وجود الله

نؤمن بوجود الله الذى يشهد له العقل والطبيعة والضمير والوجدان والروح الإنسانية وأخيرًا بتجسده، وبدراسة تاريخ الجنس البشرى نلمس وجود الله، ليس هذا فحسب بل أدعوك عزيزى القارئ لتعرف المزيد عن هذا الموضوع فى الصفحات التالية.

ثانياً: عقيدة الشعوب فى وجود الله

الاعتقاد بوجود الله موجود عند جميع الشعوب، حتى عند الوثنيين يؤمنون بالإلوهية، ولكن يخطئون من هو الله…؟ بل وصل بهم الأمر إلى الإيمان بوجود آلهة كثيرين – وبعضهم آمن بوجود إله لكل صفة يعرفها من صفات الإلوهية – وعرفوا أيضًا الصلاة التى يقدمونها لله، وما يقدمونه من ذبائح وقرابين…

ثالثاً: الإيمان بوجود الله إيمان فطرى

فالإيمان بالله مغروس حتى في نفوس الأطفال فإن حدثت الطفل عن الله، لا يقول لك من هو. وإن قلت له “لا تفعل هذا الأمر، أو أفعل ذلك ليفرح بك الله”، لا يجادلك فى هذا.. إنه بفطرته يؤمن بوجود الله، ولا يهتز هذا الإيمان فى قلبه أو فى فكره، إلا بشكوك تأتى إليه من الخارج: إما كمحاربات من الشيطان أو من أفكار الناس. وذلك حينما يكبر ويدخل فى سن الشك.

رابعاً: أسباب الإلحاد atheism له أسباب كثيرة:

1- أسباب دينية: وهى بسبب : أ- الهجوم الشرس من الإعلام والميديا فى نقد الكتب المقدسة…

والذى لا يعرف إيمانه بعمق قد يتأثر بهذه الأفكار.

ب- الأصدقاء وتأثيرهم.                                ج- الأحوال الاقتصادية.

د- الموضة والبحث عن كل ما هو غريب ومثير وملفت للنظر.

2- أسباب سياسية: ففى البلاد الشيوعية، كان سبب الإلحاد هو التربية السياسية الخاطئة، مع الضغط من جانب الحكومة، والخوف من جانب الشعب. فلما زال عامل الخوف بزوال الضغط السياسي دخل فى الإيمان عشرات الملايين فى روسيا ورومانيا وبولندا وغيرها. أو أنهم أعلنوا إيمانهم الذى ما كانوا يصرحون به خوفًا من بطش حكوماتهم.

خامساً: أنواع الإلحاد

1- الإلحاد الماركسى: وقد وصفه بعض الكتاب بأن كان رفضًا لله، وليس إنكارًا لوجود الله.

نتيجة لمشاكل اقتصادية، وبسبب الفقر الذى كان يرزح تحته كثيرون بينما يعيش الأغنياء فى حياة الرفاهية والبذخ، لذلك اعتقد هؤلاء الملحدون أن الله يعيش فى برج عالى لا يهتم بآلام الفقراء من الطبقة الكادحة!! فرفضوه ونادوا بأن الدين هو أفيون للشعوب يخدرهم حتى لا يشعروا بتعاسة حياتهم..!

2- إلحاد الوجوديين: الذين يريدون أن يتمتعوا بشهواتهم الخاطئة التى يمنعهم الله عنه.

وهكذا لسان حالهم يقول: “من الخير أن يكون الله غير موجود، لكى نوجد نحن”!! أى لكى نشعر بوجودنا فى تحقيق شهواتنا..! وهكذا سخروا من الصلاة الربانية بقولهم “أبانا الذى فى السموات”. نعم ليبقى هو فى السماء، ويترك لنا الأرض.

إذن ليس هو اعتقادًا مبنيًا على أسس سليمة، إنما هو سعى وراء شهوات يريدون تحقيقها.

سادساً: كيف نستوعب وجود الله 

1- نحن لا نستطيع أن ندرس أمرًا إلا بما يناسبه من وسائل، فالفكرة تحتاج إلى عقل يستوعبها، والمادة تحتاج إلى حواس تدرسها، لكن إلهنا العظيم هو روح خالد، لذلك لن نستطيع أن نستوعبه إلا بالروح. يلزمنا قلب مفتوح للخبرة الروحية، ونفس متضعة متعطشة للحق والقداسة، لندرك الله.

هل يعقل أن ندرس الجغرافيا بمسلمات علم الكيمياء؟! وهل يعقل أن نفحص الرياضيات بالميكرسكوب؟! والميكروب بعلم الميكانيكا؟! إننا نخطئ كثيرًا إذ نتصور أمكانيه استيعاب اللاهوت بالعقل والحواس، ليس الله فكرة لنستوعبه بالعقل، ولا مادة لنستوعبه بالحواس، بل هو روح نستوعبه بالروح.

2- غير أنه ليس هناك أدنى تعارض بين العقل والإيمان فكلنا يعرف كلمة أغسطينوس الشهيرة: “أنا أؤمن لكى أتعقل” وبالأحرى تعبير القديس بولس الرسول: “بِالإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ الْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ اللهِ، حَتَّى لَمْ يَتَكَوَّنْ مَا يُرَى مِمَّا هُوَ ظَاهِرٌ” (عب 11: 3).

كل ما فى الأمر أن الإيمان هو المجهر الذى تستخدمه عين العقل لإدراك ما يفوق حدودها، وهو التليسكوب الذى يقرب للعين المجردة ما لا تراه مع إنه موجود.

ليس الإيمان كبتاً للعقل، ولا تحايلاً عليه، ولكن العقل المستنير بالروح القدس يستريح تماماً لحقائق الإيمان، كما تستريح العين المحدودة لحقائق علم البكتريولوجى بعد أن تتعرف وتستعين بالميكرسكوب.

سابعاً: شواهد على وجود الله 

الشاهد الأول:

التوافق بين العلم والكتاب المقدس : إيماننا بالكتاب المقدس أنه ليس كتابًا علميًا، ولكنه كتاب يحدد العلاقة بين الله والإنسان ومع ذلك هل يجدر بالمسيحى أن يخلف أو يعادى المراجع العلمية؟ ألا يوجد توافق بين العلم والكتاب المقدس؟ هل استطاعت الاكتشافات الحديثة فى العلم أن تسلب الإنسان المسيحى قدرته على التوفيق بين الإيمان وهذا العصر المستنير بالعلم؟

ولابد أن نوضح أن معظم النظريات العلمية كانت مجرد محاولات (تخمين) أى تظهر نظريه ثم بعد مرور الزمن تأتى نظرية أخرى تلغى النظرية الأولى، مثال ذلك عبارة وردت فى أحد المراجع العلمية التى هاجمت الكتاب المقدس. فبعد أن أسهب المؤلف فى تقديم الشروحات العديدة، بخصوص نشأة الأرض نجده يقول: “أن مجرتنا الخاصة جزء تافه من هذا الكون الذى وجد ربما منذ ملايين الملايين من السنين”. لكن بعض التقدم فى الدراسات العلمية ثم فى شرح كيفية وتوقيت نشأة الشمس وكواكبها التسعة.

إن دراسة نظام المجموعة الشمسية يعطينا على الأقل مفتاحاً بخصوص نشأة ذلك الجزء الذى نحيا فيه من هذا الكون، ألا وهو الأرض. والتفسير المقبول عموماً الآن هو تلك النظرية التى تفترض أن مجموعتنا الشمسية ولدت من الشمس، نتيجة اقتراب نجم ضخم منها، مما نزع من الشمس خلال فعل قانون الجاذبية كتلاً ضخمة من الغاز المشتعل، وهذه بردت تدريجياً وتبلورت وصارت كواكب، واستمرت فى الدوران حول الشمس على الدوام، هكذا وصلت الأرض إلى حالتها الحاضرة ببطء شديد.

إذن فهى مجرد محاولات لشرح بعض التقدم الذى يعطينا على الأقل مفتاحاً مما يجعلنا نفترض نظرية… ببساطة نحن نُخمن.

وبعد ذلك يستطرد المرجع العلمى فى الحديث بكلمات حاسمة عن “أحداث الماضى السحيق”

لكن فلنستمر فى تحليلنا لنصل إلى عمق هذا البرهان الأول على وجود الله، ففى بداية حديث المحاولات والمفاتيح والتخمينات، يفترض العلماء وجود “مجموعتنا الشمسية” مقدماً ووجود “نجم آخر ضخم” وقانون جاذبية وكتل من الغاز الملتهب ويقولون أن هذه بدأت تبرد، ثم تبلورت، واستمرت فى الدوران حول الشمس بمقتضى جاذبيتها.

يا له من تصور جميل للكون: نظام شمسى نجم ضخم قوانين محددة لا تتغير… هذا افتراض واضح لقوة عاقله ضخمة.

فكر معى- إذن – هذه الملايين من قوانين الحرارة والضوء والطاقة والحركة والمدارات الفلكية والجاذبية… التى تتطلب أن يتحول كل جسم إلى شكل دائرى تقريباً، ويثبت فى هذه الصورة… وملايين أخرى من القوانين الموجودة. ما معنى هذا؟

ارجع معى إلى عمق الموضوع .. هل المشكلة مجرد إدراك نظامنا الشمسى؟ قطعا لا! إذ يقول العلماء أن نظامنا الشمسى مجرد واحد من أنظمة كثيرة فى المسار اللبنى، أى مجرة نسكنها، وهذه واحدة من ملايين المجرات، التى تشكل بدورها جزءاً صغيراً من هذا الكون الشاسع.

هل بدأت تلاحظ بأى قانون يقترب نجم من آخر؟ وبأى قانون تبرد الكتل الحارة.؟ وبأى قانون يحدث انجذاب الكواكب؟ وبأى قانون تعمل قوى الجاذبية؟

إن مجرد التأمل الهادئ فى النظريات العلمية، يرينا أنها تتحدث عن كون تربطه وتحكمه قوانين.

إذن فوجود قانون ثابت وغير متغير ولا مرئى لكنه فعال… يتطلب وجود واضع له.”وَاحِدٌ هُوَ وَاضِعُ النَّامُوسِ، الْقَادِرُ أَنْ يُخَلِّصَ وَيُهْلِكَ” (يع 4:12).. هو الله خالق الكون ومن فيه. واضع القانون هذا هو الله.

الشاهد الثانى:

نظرية التطور : “التطور هو عمليه نمو تدريجى من مادة بسيطة غير منتظمة وبدائية، إلى هذا التركيب المعقد للكون الطبيعى، وعلى نفس القياس، هو ذلك التفرع التدريجى من بداية الحياة العضوية على كوكبنا المأهول إلى هذه الصورة العديدة للكائنات فى المملكتين الحيوانية والنباتية. لاحظ أن التطور يفترض بداية حية عضوية – حية مسبقاً!! إنه لا يتحدث عن كيفية نشأة الحياة!!

نظرية التطور (نظرية = نحن نظن)؛ تقرر أن كل صور الحياة التى نراها الآن ومن ضمنها الإنسان وكل النباتات والحيوانات بأنواعها الكثيرة جداً، نشأت تدريجياً من صور بسيطة للغاية إلى صور معقدة، تعتمد بعضها على بعض كما نراها اليوم؛ وان لكل منها دورة حياة خاصة وطريقة تكاثر مناسبة.

نظرية التطور إذن تقرر أن الحياة تطورت فى “عملية تدريجية” بواسطة “قوى مقيمة” إلى أن بلغت هذه الصورة المعقدة.

ولندخل إلى عمق الأمر… إن علماء التطور والوراثة والأحياء وكافة الميادين الأخرى لم يستطيعوا أن يقدموا دليلاً واحداً على أن الحياة يمكن أن تنشأ من شئ غير حىّ.

حقاً لقد استطاعت بعض التجارب المعملية أن تنعش الحياة فى خلايا ظنوها ميتة، وذلك بواسطة مركبات كيمائية معينة، ولكن هذا يختلف تمامًا عن “التوالد الذاتى أو التلقائى”.

هناك خط فاصل وفجوة كبيرة بين الحياة والموت. بين العدم والوجود، وعلماء التطور يجهدون أنفسهم فى افتراضات وتخمينات ونظريات غامضة لشرح كيفية نشأة الحياة.

لكن على الجانب الآخر هناك قانون علمى قاطع وواضح، يعطينا دليلاً هاماً على وجود الله معطى الحياة! إنه قانون نشأة الحياة التى يقرر ببساطة أن الحياة لا تنشأ إلا من حياة وغير الحى لا يلد الحى.

وربما لا يوجد لدى العلماء قانون معروف يمكن الرهان عليه بصورة حاسمة وواضحة مثل هذا القانون. وجود الحياة يتطلب وجود واهب لهذه الحياة! لهذا يقول الوحى: “وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ تُرَاباً مِنَ الأَرْضِ وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً” (تك 2:7)

الله القدير، واجب الوجود، الحى ومعطى الحياة، الكائن قبل كل شئ. واهب الحياة للإنسان الأول، وأعطى الكائنات جميعاً إمكانية التكاثر حسب قوانين معينة… حقاً الله هو واهب الحياة العظيم وليس سواه.

الشاهد الثالث:

المادة لها بداية ونهاية : أعتمد الجيولوجيون فى بداية نظريتهم على كون منظم، ومادة موجودة، كما اعتمدت نظرية التطور على مادة وقوانين وحياة بسيطة. فما هى المادة؟ المادة تحتل فراغاً ولها وزن، ولكن لا ضرورة أن نراها، لأن بعض الغازات وحتى الهواء الذى نتنسمه تعتبر جميعها مادة.

ولقد كان العلماء حتى وقت حديث يتحدثون عن “قانون عدم فناء المادة” ولكن اكتشافات الطبيعة النووية وتجارب مدام كورى على الراديوم، أثبتت إمكانية تحلل المادة وتفككها. هذا التحول فى المادة حقيقة علمية، فاليورانيوم (238) يتحلل شيئاً فشيئاً إلى رصاص (206) خلال مراحل وسيطة متعددة. هكذا خلال سنوات طويلة يتحول اليورانيوم المشع إلى رصاص، ويعطى طاقة أثناء إشعاعه هذا. ولا نرى يورانيوم جديداً يأتى إلى هذا الوجود.

العلم إذن يثبت اليوم أن هذه الأرض تسير على اضمحلال.. وهكذا.. فبقدر ما تعلو الجبال بقدر ما تتآكل!! وقاع الأنهار المنخفض يرتفع شيئاً فشيئاً ليصير الكل- إذا ما استمرت هذه العملية – فى مستوى واحد!! هذا الأمر- بالإضافة إلى موضوع تحول اليورانيوم إلى رصاص – يرينا كيف يسير العالم إلى نهاية محتومة.

وهكذا يؤكد العلم أن المادة ليست أزلية! المادة أتت إلى الوجود فى وقت ما وحيث أنها ليست أزلية؛ إذن فلها نقطة بداية وإذن: فالخلق وبداية العالم المادى يتطلب بالضرورة وجود خالق له، والأشياء المصنوعة لابد لها من صانع.!

وأنها مع الكون كله تشبه ساعة ضخمة ملئت يوماً، وهى الآن تدور وتفرغ شحنتها. وحتى الآن لا نعرف ولم نلاحظ أى طريقة لملئها من جديد. وكأن الإنسان ظهر فى الصورة وسط كون منظم يسير رويداً رويداً نحو نهايته المحتومة! لاحظ الحقول والجبال والوديان وسائر المعالم من حولك!.

إن العالم الجيولوجى “جون باول” لاحظ عملية الغزو التى تمارسها أنهار كثيرة. وأستنتج أنه بعد وقت كاف ستغمر المياة كل اليابسة، مهما كانت مرتفعة فى الأصل، ليصل الكل إلى المستوى السفلى العام وهو قاع المحيط.

أكيد أن المادة صنعت ولم تأت بالصدفة، وليست أزلية. هذا شاهد ثالث: الخليقة تستدعى وجود خالق لها.

الشاهد الرابع:

علم الأجنة المقارن : “وَقَالَ اللهُ: لِتُخْرِجِ الأَرْضُ ذَوَاتِ أَنْفُسٍ حَيَّةٍ كَجِنْسِهَا: بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَوُحُوشَ أَرْضٍ كَأَجْنَاسِهَا. وَكَانَ كَذَلِكَ. فَعَمِلَ اللهُ وُحُوشَ الأَرْضِ

كَأَجْنَاسِهَا وَالْبَهَائِمَ كَأَجْنَاسِهَا وَجَمِيعَ دَبَّابَاتِ الأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ” (تك 1: 24-25)

لقد حاول العلماء أن يثبتوا فكرة التطور”بعلم الأجنة المقارن” وكذلك بممارسة انتقاء السلالات والوراثة وكافة زوايا علم التاريخ الطبيعى. وسنلمس هذا الموضوع لمسة خفيفة دون استفاضة. مكتفين بنقطة محددة وهى أنه يوجد قانون ثابت وقاطع وغير متغير يجعل التخطى من نوع إلى نوع مستحيلاً.

هناك مئات الأصناف فى النوع الواحد؛ ومهما اختلفت فى الحجم أو الشكل إلا أنها جميعاً نوع واحد. ويحاول علم الأجنة المقارن أن يظهر أن أجنة الأسماك والحيوان والإنسان تتشابه جداً. هذا حق! ولكن ليس دليلاً على التطور، بل هو أقوى دليل على وجود الله! لقد عجز العلماء عن تحويل جنين السمكة إلى حيوان أو إنسان إذ نمى الجنين إلى نفس صورة السمكة التى وضعت بويضته. كذلك تجارب انتقاء السلالات وتنقيتها وتطعيمها لا تثبت التطور بقدر ما تثبت أن هناك قوانين ثابتة تحكم تكاثر الحيوان والإنسان. وأن هذه القوانين تعمل فى حدود لا يمكن تحديها أو تجاوزها.

ومع أننا نستطيع اليوم أن نستنبط سلالات جديدة من نوع ما. إلا أنه لم تخرج عن إطار النوع ولم تتحول إلى نوع آخر.

إن الفلاح البسيط العاكف على أرضه يعرف حسنا فكرة انتقاء السلالات، والعلماء المتخصصون فى معاملهم يستطيعون تحديد صورة دقيقة لعمل الجينات والكروموزومات وتفاعلاتها فى الإنسان، من حيث: اللون والخصائص الأخرى الكثيرة، ويستطيعون أن ينباوا بالصورة التى يكون عليها النسل. هذا يؤكد حكمة الله وقوته، إذ وضع هذه القوانين ومازال يحفظها، إلهنا قال: “لِتُخْرِجِ الأَرْضُ ذَوَاتِ أَنْفُسٍ حَيَّةٍ كَجِنْسِهَا” (تك 1: 24) وحفظ هذا القانون كشاهد رابع على وجوده تعالى. ولقد حاول العلماء – فى مقارنة للهيكل العظمى للشامبنزى والغوريلا والإنسان – أن يؤكدوا نشأة الجميع من أصل واحد. لكن هذه خرافة عظمى! بل أن هذا التشابه يثبت وجود الله أيضاً! فهذه فى الواقع “وحدة تصميم” كدليل على مهندس واحد خطط وصمم هذا الكون! هذا مجرد تشابه وظيفى ليس إلا فإلهنا هو واضع القوانين الحية والفعالة وهو حافظها أيضاً.

الشاهد الخامس:

دورة الحياة : نحن نحيا فى كون غاية فى التعقيد، وهو مصمم بطريقة خارقة! الشروق بهيج باستمرار، والصحارى والجبال والأنهار تنسجم جميعاً فى جمال فائق، ما لم تعبث بها يد إنسان! لا شئ يحيا لنفسه ويموت لنفسه. وأشكال الحياة تعتمد بعضها على بعض! والسؤال التقليدى فى التطور هو: ماذا ظهر أولاً السنبلة أم حبة القمح؟ هل تطورت الحبة ببطء خلال ملايين السنين مستقلة عن جزع السنبلة التى تستمد منها حياتها؟

هل تطورت الزهور والحشائش والأشجار ببطء شديد خلال ملايين السنين مستقلة عن الحبة الصغيرة التى هى أساس حياتها؟

هذه الأسئلة يعسر على عالم التطور أن يجيب عليها. تمامًا كالسؤال القديم: ماذا ظهر أولا: البيضة أم الفرخة؟ العالم يتهم هذا السؤال بالتفاهة، والسبب – ببساطة – أنه لا يعرف الإجابة، لذلك فهو يحول هذا السؤال إلى مجرد نكتة مضحكة ليهرب من الإجابة.

هذا التعاون المعقد بين صور الحياة يثبت وجود بادئ ومهندس.

إنه المصمم العظيم الذى يمثل أمامه هذا الكون بكل تعقيداته، فيعطيه إمكانية الوجود.

لا شئ يحيا ويموت لذاته. النبات والحيوان يتحللان بعد الموت ليمدا غيرهما من الكائنات الحية بمزيد من الحياة. الشجرة تنمو ثم تموت، وتسقط وتصير جزءاً من أرض الغابة. فتمد الشجيرات الصغيرة بمقومات أساسية للحياة.

هذا الكون المعقد والعظيم، وهذه الأرض المعقدة التى نحيا على سطحها ونتنسم هوائها… من صنع مصمم عظيم.

خواص المعادن؛ وأجنحة الطيور والذباب، وجمال الشروق، وجنبات البلورة الجميلة وفوق الكل… ذلك التركيب العجيب المذهل جسم الإنسان.. كلها تتحدث عن مصمم خالد.

حقاً إن النظام الموجود فى الكون يعلن عن وجود مصمم عظيم وقدير له.. هو الله..

الشاهد السادس:

اعلان الله عن نفسه :

1- نبوات العهد القديم: إن ثلث الكتاب المقدس تقريباً نبوات. مع أن الكثير منه يتحدث عما هو آت، لكن الكثير أيضاً قد تم أو يتم حالياً.

لقد أرسل الله أنبياءه منذ مئات السنين إلى مدن عظيمة: كبابل وعقرون وأشدود وأشقلون وصور وصيدا، وأنبأ هؤلاء الرجال العاديين بخراب وسقوط هذه المدن، وبالصورة المعينة المصاحبة لهذا الخراب. وقد تمت هذه النبوات بحذافيرها، وفى الوقت المحدد من الله.. حقاً إن الله يعرف المستقبل ويعلن عما فيه بنبوات تتم حتماً!

2- إعلان الله عن نفسه: أ- بكلام شفاهى لأشخاص من البشر أو بحلم نبوى.

ب- برؤيا والإنسان فى غيبه كاملة لحواس الجسد.     ج- برؤيا والإنسان يستخدم بعض حواسه أو كلها.

د- بوحى (بالهام) خاص لكتبة الكتاب المقدس.                 ﻫ- بالمعجزات الخارقة لقوانين الطبيعة.

و- بتجسد ابن الله الكلمة فى ملء الزمان.

الشاهد السابع:

الصلاة المستجابة : لعل هذا هو أهم الشواهد إطلاقاً بالنسبة إلينا كمسيحيين. إنه: “الصلاة المستجابة” فلأن الملحدين والمتشككين لم يصلّوا أبداً، ولم يختبروا الصلاة المستجابة لذا فهم يتشككون.

وما أكثر الأمثلة فى الكتاب المقدس والتاريخ الكنسى والحياة اليومية، عن استجابة الله لصلوات أبنائه. إنها أمثلة تفوق الحصر، ومجالها مفتوح لكل المؤمنين: “كُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ حِينَمَا تُصَلُّونَ فَآمِنُوا أَنْ تَنَالُوهُ فَيَكُونَ لَكُمْ” (مر 11-24)

وقد يتصور البعض أن استجابة الصلاة هى مجرد نفس نتيجة التركيز فى أمر ما، لكنها فى الحقيقة تدخل إلهى مباشر بطريقة معجزية، تعلن يده المقتدرة إنها ثمرة طاعة قوانين الله، والسلوك حسب مشيئته، والإيمان بمواعيده.

هذه الشواهد السبعة التى تعلن بوضوح وجود إلهنا العظيم هى مجرد بداية بسيطة للموضوع. لسنا بعد أمام افتراضات وتصورات، فلدينا الكثير من الأدلة والشواهد. ولقد حان الوقت الذى نقول فيه مع أيوب: “أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ وَلِيِّى حَى وَالآخِرَ عَلَى الأَرْضِ يَقُومُ” (أى 19: 25).

مشاركة المقال