سر الميرون المقدس

الرئيسية / سر الميرون المقدس

سر الميرون المقدس

“إذا خرج الروح النجس من الإنسان، يجتاز فى أماكن ليس فيها ماء يطلب راحة ولا يجد. ثم يقول أرجع إلى بيتى الذى خرجت منه، فيأتى ويجده فارغاً مكنوساً مزيناً. ثم يذهب ويأخذ معه سبعة أرواح أخر أشر منه، فتدخل وتسكن هناك، فتصير أواخر ذلك الإنسان أشر من أوائله” (مت 43:12-45).www-St-Takla-org___Holy-Mairoun-Oil-n-Baptism-01

والكنيسة فى طقس سر المعمودية… ينفخ الكاهن فى وجه الموعوظ أو الطفل قبل المعمودية قائلاً: “أخرج أيها الروح النجس”.

وبعد التغطيس فى الماء… لا تترك الكنيسة الإنسان فارغاً مكنوساً مزيناً، لئلا يعود إليه الروح النجس (روح عدم الإيمان) مرة أخرى… بل تملأه الكنيسة بالروح القدس بسر الميرون.

رشومات الميرون (سر التقديس) :

يدهن الكاهن الطفل المعمد بزيت الميرون فى:

1 جبهته: لتقديس الفكر “مستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح” (2كو 5:10).

2،3 المنخارين: لتقديس الشم “يظهر بنا رائحة معرفته فى كل مكان، لأننا رائحة المسيح الذكية لله” (2كو 14:2،15).

4 الفم: لتقديس الكلام والأكل “أجعل يارب حارساً لفمى. احفظ باب شفتى” (مز 3:141).

5،8 الأذنين: لتقديس السمع “يوقظ لى أذناً لأسمع كالمتعلمين. السيد الرب فتح لى أذناً وأنا لم أعاند” (أش 4:50،5).

6،7 العينين: لتقديس الرؤية “عهداً قطعت لعينى، فكيف أتطلع فى عذراء” (أى 1:31).

9 القلب: لتقديس المشاعر والعاطفة “فوق كل تحفظ، أحفظ قلبك، لأن منه مخارج الحياة” (أم 23:4).

10 البطن: لتقديس الأعماق والأحشاء “أن أفعل مشيئتك يا إلهى سررت، وشريعتك فى وسط أحشائى” (مز 40:8).

11،12 العمود الفقارى: لتقديس الإرادة “لأن الله هو العامل فيكم أن تريدوا، وأن تعملوا، من أجل المسرة” (فى 13:2).

13-24 مفاصل الذراعين: لتقديس العمل (رشمان لكل مفصل) “لأننا نحفظ وصاياه، ونعمل الأعمال المرضية أمامه” (1يو 22:3).

25-36 مفاصل الرجلين: لتقديس المسيرة (رشمان لكل مفصل) “بخطواته استمسكت رجلى، حفظت طريقه ولم أحد” (أى 11:23).

سر التثبيت :

إن سر الميرون هو الرباط الذى يشدنا ويربطنا بالزيتونة المقدسة التى طعمنا فيها بالمعمودية “الذى يثبتنا معكم فى المسيح، وقد مسحنا هو الله، الذى ختمنا أيضاً وأعطى عربون الروح فى قلوبنا” (2كو 21:1،22).

فالروح القدس يحل فينا ويعطينا أن نثبت فى المسيح “وبهذا نعرف أنه يثبت فينا من الروح الذى أعطانا” (1يو 24:3) ويعطينا أيضاً أن نعرف مشيئة الله وفكره “وأما المعزى الروح القدس الذى سيرسله الآب باسمى، فهو يعلمكم كل شئ، ويذكركم بكل ما قلته لكم” (يو 26:14).

“وأما أنتم فالمسحة التى أخذتموها منه ثابتة فيكم ولا حاجة بكم إلى أن يعلمكم أحد، بل كما تعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شئ وهى حق وليست كذباً. كما علمتكم تثبتون فيه” (1يو 27:2).

هذا هو سر الميرون وسكنى الروح القدس فينا، الذى به نثبت فى المسيح، والمسيح فينا “كما أن الغصن لا يقدر أن يأتى بثمر من ذاته، إن لم يثبت فى الكرمة، كذلك أنتم أيضاً إن لم تثبتوا فى. أنا الكرمة وأنتم الأغصان. الذى يثبت فى وأنا فيه هذا يأتى بثمر كثير. لأنكم بدونى لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً” (يو 4:15-5).

هنا نكتشف العلاقة بين سرى المعمودية والميرون؟ ففى المعمودية نغرس فى الكرمة وبالميرون نثبت فيه… “ولكن أساس الله الراسخ قد ثبت إذ له هذا الختم” (2تى 19:2).

وثباتنا فى المسيح يحتاج منا مداومة التوبة والتناول من جسده ودمه الأقدسين…

والسلوك بالروح فى الحياة… وكل هذه هى فعل الروح القدس فى الأسرار وفى حياتنا.

سر الختم :

الختم هو علامة خاصة توضع لإثبات الملكية… فإذا ختمت كتاباً بخاتمك أعلنت أنه ملكك. “الذى فيه أيضاً إذ آمنتم ختمتم بروح الموعد القدوس” (أف 13:1).

وكانوا فى القديم يختمون الحيوانات الطاهرة التى بلا عيب تمهيداً لتقديمها للذبح على المذبح الإلهى المقدس.

وكانوا يضعون أختاماً خاصة على العبيد لإثبات الملكية… “يعلم الرب الذين هم له” (2تى 19:2).

ونحن فى سر الميرون نختم بخاتم الله إعلاناً منا أننا معدون للذبح من أجل الله الذى أحبنا وذبح من أجلنا… وكذلك إعلان أننا صرنا ملكاً لله.. وصرنا مخصصين ومكرسين ومقدسين له وحده فقط.

“الذى يثبتنا معكم… وقد مسحنا هو الله، الذى ختمنا أيضاً” (2كو 21:1،22).

هذا الختم يتكلم عنه معلمنا بولس الرسول باعتباره سمة آلام المسيح “لأنى حامل فى جسدى سمات الرب يسوع” (غل 17:6).

فإذ يختم الإنسان بختم الله تصير فيه صورة المسيح “نتغير إلى تلك الصورة عينها، من مجد إلى مجد، كما من الرب، الروح” (2كو 18:3) وتصير فيه سمات الرب يسوع فيصير ملكاً له “أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس، الذى فيكم، الذى لكم من الله، لأنكم لستم لأنفسكم، لأنكم قد اشتريتم بثمن؛ فمجدوا الله فى أجسادكم وفى أرواحكم التى هى الله” (1كو 19:6،20).

فيصير المسيحى كغنمة مقدسة فى قطيع المسيح، مختومة بخاتم الصليب، تشارك راعيها الحنون آلامه وموته “لأننا من أجلك نمات كل النهار. قد حسبنا مثل غنم للذبح” (رو 36:8).

ويصير أيضاً المسيحى- بختم الروح القدس – عبداً ليسوع المسيح يحمل نيره ويحارب حروبه الروحية ضد الشيطان ومملكته المظلمة.

فالختم ليس مجرد علامة للتمييز – فلا توجد علامات خارجية تميز الإنسان المعمد – بل هو فعل روحى يقدس النفس والجسد والكيان كله ويخصصه ويكرسه للرب ضد الشيطان.

إنه العلامة الفعالة الخفية التى تميز أولاد الله الوارثين مع المسيح، إذ قد صارت جباههم مختومة بختم الله، محفوظة لنا إلى اليوم الأخير.

“ولا تحزنوا روح الله القدوس. الذى به ختمتم ليوم الفداء” (أف 30:4).

سر التجديد :

إننا نتقدس فى سر الميرون لتكون أعضاؤنا أعضاء للمسيح (1كو 15:6)، لكن هذا لا يمنع أننا نخطئ ونسئ إلى عضويتنا فى المسيح وإلى الروح القدس الساكن فينا، فلا مفر من أن تتلوث أفكارنا وأعضاؤنا بالخطية، بسبب ضعف بشريتنا، ولكى تتهيأ لنا فرصة الجهاد والنصرة والنمو المتدرج.

والروح القدس – الذى نلناه فى الميرون – يقود هذه المسيرة الروحية…

فهو يبكتنا على الخطية وينهضنا للتوبة… ويشجعنا على الإعتراف أمام الكاهن ويقود ويهيمن على جلسة الإعتراف ويعطى الحل من فم الكاهن “يكونون محاللين من فمى بروحك القدوس”…

ثم يقودنا فى جهادنا الروحى ويشفع فينا بتنهدات لا ينطق بها…

فالروح القدس هو روح التجديد اليومى والنمو الدائم “خلصنا بغسل الميلاد الثانى، وتجديد الروح القدس، الذى سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا” (تى 5:3،6).

ليت روح الله القدوس يشتعل فينا ويوهج حماسنا الروحى برزانة وينهض قلوبنا للتوبة وتجديد عهود التكريس لله.

كرامة ومجداً لأسمه القدوس آمين ،

نيافة الأنبا رافائيل

مشاركة المقال