الطقس الكنسى وأهميته
ما معنى كلمة
“طقس” ؟
كلمة طقس مأخوذة من الكلمة اليونانية “طاكسيس” والتى تعنى ترتيب أو نظام ويقصد به النظام أو الترتيب الكنسى ويشمل :
1- الصلوات الكنسية (الليتورجيا) : والليتورجيا كلمة تعنى الصلوات الجماعية أو صلوات الشعب.
– الليتو : مأخوذة عن كلمة لاؤس أو الشعب. – رجيا : صلوات.
وهى الصلوات التى ترتبها الكنيسة ليصليها جميع الناس معاً مثل ترتيب صلوات الأجبية والقداس واللقان و…..
والتى وُضعت من أجل أن يصلى الجميع معاً بنفس الكلمات وبنفس الروح.
2- الأعياد : حيث أن الأعياد الكنسية لها مواعيد محددة وصلوات محددة ومعروفة تصلى فى كل عيد (كل عيد له ذكصولوجية، إبصالية خاصة به).
3- أسرار الكنيسة : تعتبر أسرار الكنيسة من أسس الأرثوذكسية وتشمل على جانبين :
أ- جانب عقيدى : بما تحمله هذه الأسرار من إعلان عن إيماننا الأرثوذكسى وما يتعلق بالسند الكتابى لهذه الأسرار المقدسة.
ب- جانب طقسى : فى كيفية ممارسة هذه الأسرار وتطبيقها وترتيب الصلوات والقراءات التى تقال أثناء ممارسة السر.
– الجانب العقيدى : المعمودية هى سكن للروح القدس فى الإنسان وفيها نغطس فى الماء ثلاث مرات على مثال دفن المسيح فى القبر ثلاثة أيام.
– السند الكتابى : “من آمن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن” (مر 16:16). “إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله” (يو 5:3).
– الجانب الطقسى : يتمثل فى القراءات التى تقرأ والصلوات التى تقال والزيوت المستخدمة وجحد الشيطان وغيرها من الممارسات الطقسية.
4- الدورات الزمنية فى الكنيسة :
أ- دورة يومية (من عشية إلى عشية) وتدخل فيها صلوات الأجبية.
ب- دورة أسبوعية وتدخل فيها الابصلمودية (ثيؤطوكية، إبصالية لكل يوم).
ج- دورة سنوية من خلال القطمارس.
5- القراءات الكنسية : هى أيضاً مرتبة فى القطمارس، ومعروفة لكل يوم قراءاته.
6- ألحان الكنيسة : مرتبة لكل مناسبة ألحان خاصة بها ولا يجب أن تقال الألحان فى غير مواضعها.
7- الأيقونات : حيث أن للأيقونات نظم متبعة فى رسمها لتخرج بصورة منظمة لائقة والأيقونة القبطية لها معايير كثيرة لقراءتها.
أسباب وضع الطقوس الكنسية وأهميتها :
1- الطقس يوحد الكنيسة : لتكون كلها واحد فى المسيح حيث أن الكنيسة هى جسد المسيح والمسيح له جسد واحد غير منقسم.
– المسيح أراد ألا تقطع ساقيه على الصليب أو لا تكسر عظمة من عظامه حتى يظل جسده كاملاً ولم يمت بحد السيف حتى يظل رأسه متصل بجسده الذى هو الكنيسة.
– وقد أكد المسيح على وحدانية الكنيسة فى وحدانية الرسل ووحدانيتهم فيه “أيها الآب القدوس احفظهم فى اسمك الذين أعطيتنى ليكونوا واحدا كما نحن” (يو 11:17). “ليكون الجميع واحداً كما أنك أنت أيها الآب فى وأنا فيك ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا ليؤمن العالم أنك أرسلتنى وأنا قد أعطيتهم المجد الذى أعطيتنى ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحد” (يو 21:17،22).
– فى مثل الراعى الصالح أكد المسيح أيضاً على ضرورة وحدانية الكنيسة “ولى خراف أخر ليست من هذه الحظيرة ينبغى أن آتى بتلك أيضاً فتسمع صوتى وتكون رعية واحدة وراع واحد”
(يو 16:10).
– لذا جاء الطقس حتى يجعل الكنيسة واحداً فجميع أفرادها يتحدثون بالليتورجيا التى هى لسان الكنيسة، ينظرون جهة الشرق منتظرين المجىء الثانى للرب، ناظرين للنور الحقيقى الذى يضىء لكل إنسان..
2- الطقس يضمن جماعية الأداء : حيث أن الشعب جزء أساسى من أداء القداس وإتمامه فجميعنا نصلى بروح واحدة وكلام واحد فى وقت واحد كما أمرنا الله أن نصلى جميعاً معاً، وأكبر مثال: إذا صليتم فقولوا يا أبانا الذى فى السموات…
وهنا تظهر جماعية الأداء فى شيئين :
أ- فقولوا : أى جميعكم معاً.
ب- يا أبانا : لنصرخ نحوه معا قائلين يا أبانا ولم يقل يا أبى الذى فى السموات مثلاً.
3- الطقس يشرح العقيدة ويضمن الحفاظ عليها سليمة : الطقس هو التطبيق العملى للعقيدة وهو المدرسة الأولى التى تشرح العقيدة من خلال تطبيقها ولعل أكبر دليل هو القداس فجميعنا قد تعلم من القداس الكثير عن لاهوت المسيح وهو لا يزال صغيراً من خلال صلواته.
والكثير من القديسين والبسطاء أيضاً كان القداس لكل ما يحويه من معانى، وطقوس المدرسة الأولى لهم.
ومن القداس براهين تطبيقية استخدمت فى الرد على المبتدعين أمثال آريوس وأوطاخى.
فمثلاً ممارسة سر الإفخارستيا تثبت أن بدعة أوطاخى هى خاطئة فالجسد الذى نأكله على المذبح جسد حقيقى غير ذائب أو متحلل كما ادعى أوطاخى أن ناسوت المسيح ذاب فى لاهوته.
وأمثلة أخرى كثيرة من الطقس ما هى إلا تطبيق للعقيدة مثل :
أ- الشورية : هى رمز لبطن العذراء فيها المسيح (الفحم يرمز لناسوته والنار للاهوته) ومن أعلى القبة الثانية ومتصلة بثلاث سلاسل مثال الثالوث…
ب- البخور : ما هو إلا رمز للتجسد وعند وضع رائحة البخور على جسد المسيح ودمه على المذبح نقول أن هذا الجسد والدم عملوا رائحة خلاص لكل المسكونة.
ج- حمل الأب الكاهن للبشارة : عند دورة الإنجيل مثال لما فعله سمعان الشيخ بحمله للمسيح والمقصود أن المسيح سيتجلى أيضاً من خلال الإنجيل.
4- الطقس يشرح حقائق مجردة : حيث أنه يوضح أشياء لا يمكن أن يستوعبها إلا العقل المجرد.
مثال : رشم الصليب أصغر عقيدة فى المسيحية ولكنها تُعبر عن المسيحية كلها…
ففيها تشرح :
أ- عقيدة التجسد : حيث الآب نزل من السماء “إشارة الرأس” إلى الأرض من بطن العذراء “بالإشارة للبطن”.
ب- عقيدة الكفارة والفداء : إنتقالنا من الشمال لليمين “بالإشارة من الكتف الأيسر للأيمن” أى إنتقالنا من الظلمة للنور بالخلاص الذى تم بالصليب.
ج- عقيدة التثليث والتوحيد : بإسم الآب والإبن والروح القدس “ثلاثة أقانيم” الإله الواحد. آمين “إله واحد”.
وفى أخرى يستخدمها الكهنة لمباركة الشعب. يضع الكاهن السبابة والوسطى متعامدين مثال الصليب.
الإبهام يوضع على العقلة العاشرة كشكل دائرة “الله الذى لا بداية ولا نهاية له” والإشارة للعقلة العاشرة رمز حرف اليوتا الذى يرمز للمسيح حيث أنه أول حرف من كلمة إيسوس.
5- الطقس يعلن قداسة المادة : حيث أنه باستخدام المادة فى الأسرار نقدسها ونرفض كل الآراء التى ترفض المادة. فأكبر دليل على قداسة إتحاد المسيح بها.
فالمادة مقدسة فى الأرثوذكسية فالكنيسة تصلى من أجل الطبيعة (المياه والعشب والزرع و…). ومن هذا المنطلق فمن واجبنا الحفاظ على البيئة.
6- الطقس يقدم لنا الليتورجيا المشبعة :
أ- الكلمات المليئة بالمعنى اللاهوتى (كل كلمة ورائها فكر وتشرح عقيدة).
مثال : حينما نقول فى القداس (يا الله العظيم الأبدى..) ففى هذه الصلوة نذكر الله الذى ليس له نهاية والإعتراف أنه الجابل وفيه نعلن خلود الروح وأن الموت دخيل إلى العالم دخل إليه بحسد إبليس وفيها كلمة ظهور التى تعلن وجود الله من الأزل وفيها إعلان للثالوث.
ب- الموسيقى : فالكنيسة الأرثوذكسية تفخر بألحانها القبطية فإذا نظرنا إلى الألحان الكنيسة نجدها تعبر عن الصلوات التى تقال وكلمات هذا اللحن بالطلعات والنزلات والتموجات التى تشمل عليها الألحان.
مثال : من ألحان القداس.. ونظر إلى فوق : فى لحنها إرتفاع.
ونزل إلى الجحيم : فى لحنها نزول.
فى لحن بيك إثرنوس : فى أوله لحن للتوسل إلى الله الذى يدين المسكونة وفى آخره فرحة بالخلاص فى كلمة الليلويا.
الرب يعطينا كل بركة ونعمة وقوة لنستطيع نشر طقوسنا وإرساءها فى عقولنا وقلوبنا لأن الطقس هو الذى حافظ على عقيدتنا القويمة ونشر الطقس بفهم والتأمل فى رموزه الجميلة وتشبيهاته الرائعة حتى ننهى الإرتداد والإباحية ونتمسك بأرثوذكسيتنا القويمة ونواجه هرطقات وتحديات العصر…