كيف أضبط غرائزى؟

الرئيسية / كيف أضبط غرائزى؟

الدوافع هى جزء من المكون النفسى فى الشخصية الإنسانية، ولا يمكن فصلها عن بقية مكونات الطبيعة الإنسانية.man-with-question-mark-outline-black-white-clipart-5391

والدافع أو الغريزة، لها ثلاثة جوانب :

 

الجانب الإدراكى                الجانب الإنفعالى            الجانب النزوعى

 

فغريزة مثل “الطعام” فيها هذه الجوانب الثلاثة، إذ يدرك الإنسان أن ما أمامه طعام صحى وسليم، فينفعل نحوه بإنفعال الجوع، ثم يمد يده ويأخذه ويأكله.

 

كذلك الغرائز الأخرى… كالخوف وحب التملك وحب الحياة والإستطلاع والجنس… كلها فيها هذه الجوانب الثلاثة: الإدراك والإنفعال والحركة.

 

أمثلة للدوافع (الغرائز):

يولد الإنسان وفى أعماقه غرائز كثيرة، وهى – بلاشك – مقدسة أصلاً وأساسية للحياة، ولحفظ الوجود الإنسانى. نعم… لقد لوثتها الخطيئة بعد السقوط، فأصبحت تنحرف أو تضغط أو تخطىء.. ولكنها أساساً كانت مقدسة، ومازالت أساسية للحياة… وهذه بعض الأمثلة :

1- غريزة الطعام والشراب :

التى تجعل الطفل والفتى والشاب، الكبير والصغير، يهتم بأن يجد طعاماً ليأكل، ولو ضاعت هذه الغريزة لهلك الإنسان جوعاً… وكذلك دافع “الشراب” فالماء أساسى للحياة أيضاً!

2- غريزة حب الحياة :

فالإنسان فى أعماقه التطلع إلى الخلود، ولا يحب أن يموت، ولذلك يحافظ على حياته بكل ثمن، سواء من جهة السكن فى مكان مأمون من الحشرات أو الهجمات… أو من جهة مراعاة الصحة الجسدية والعلاج… أو الهرب من أى مخاطر تهدد الحياة …

3- غريزة الجسد :

التى بدونها ينقرض النوع الإنسانى، فهى أساسية ليس فقط للترابط والتعاون فى الحياة، ولكن فى الإنسال والإنجاب لاستمرار البشرية. ومن هنا ترفض المسيحية أى خروج عن الجنس السليم المقدس – كالجنسية المثلية – حيث يضيع هدفا الحب النقى والتناسل، وتبقى فقط الشهوة الحسية الزائلة. كما أن المسيحية ترى فى هذه الممارسات الشاذة، إنحرافاً بالطبيعة البشرية، وخروجاً عن هدف الجنس السامى، ونوعاً من النجاسة الأكيدة.

4- غريزة حب الاستطلاع :

وهى جوهرية فى الوصول إلى الاكتشافات العلمية والجغرافية الأساسية للحياة الإنسانية، وكمجرد مثال: حب الاستطلاع هو السبب فى اكتشاف القارة الأمريكية الشاسعة الأتساع، بشمالها وجنوبها، وبما فيها من خيرات فى الزراعة والمواد الخام والبترول والغاز الطبيعى والفحم الحجرى والأنهار والأمطار… وها هى تحوى مئات الملايين من البشر القادمين من دول أخرى، ليعيشوا فيها مع أجيالهم… بعد أن كانت تسكنها أقلية ضئيلة من السكان الأصليين. ونفس الكلام ينطبق على أستراليا… وعلى كل منجزات العلم الحديث… وهذا كله لخير الإنسان وإسعاده، ما دامت الغريزة تسير فى الخط السليم.

 

5- غريزة حب التملك :

والتى تجعل الإنسان يحب أن يقتنى وأن يغتنى… وما دام هذا فى حدود ضبط القلب فى مخافة ومحبة الله، وعدم الاستعباد لرذيلة حب القنية، يكون الامتلاك مشروعاً، ويمكن أن يستثمره الإنسان لخيره الشخصى، وخير أسرته وكنيسته ومجتمعه… وها نحن نسمع عن أغنياء أسخياء فى العطاء وكرماء فى التوزيع.

6- غريزة الخوف :

وهى التى تجعل الإنسان حريصاً أن يبتعد عن كل ما يضر بحياته الجسدية، سواء من جهة الكوارث أو الأمراض، وتجعله يهرب أيضاً من كل خطر يمكن أن يهدد حياته، سواء من جهة البشر أو الطبيعة أو الحيوانات أو الآفات الضارة… أو الإشعاعات الصادرة من أجهزة ونفايات… أو من تلوث البيئة: الماء والهواء والغذاء… هذه كلها أمور مشروعة وطيبة، وكذلك أساسية لحفظ الحياة…

 

إمكانية ضبط الدوافع:

لاشك أن هناك إمكانية جيدة لضبط الدوافع والتحكم فى الغرائز، بدلاً من أن تتحكم هى فينا!! ولاشك أن نعمة السيد المسيح وعمل روح الله، مع الجهاد الإنسانى والأمانة فى الحياة اليومية، يمكن أن تحفظ الشباب سليماً، وتعطيه إمكانية النصرة والظفر، فى جهاده مع دوافعه الطبيعية، وغرائزه الموروثة.

 

وكما ذكرنا سابقاً، فالغريزة لها ثلاثة جوانب، كلها قابلة للتعديل والتسامى والضبط، بقوة روح الله، وهذا مثال هام:

غريزة الجسد:

1- يمكن ترقية الجانب الإدراكى، وذلك من خلال الثقافة الجنسية المسيحية، لكى ينشأ شبابنا واعياً لمعنى الجنس فى حياة البشر، وكيف أنه المحبة الطاهرة (أغابى) وليس الشهوة الحسية (إيروس). ولماذا وضعه الله فينا، كميدان لإرتباط الحب النقى بين الزوجين، وكثمرة له يكون التناسل وحفظ النوع الإنسانى.

 

2- ويمكن ضبط الجانب الإنفعالى، فالإنسان الروحى هو “من تحكم روحه جسده، ومن يحكم روح الله روحه”، كما علمنا قداسة البابا شنوده الثالث. لذلك فهو لا يجد صعوبة فى ضبط رغباته وشهواته وإنفعالاته. والسرّ فى نجاحه أن لديه رغبات أخرى مقدسة، بدأت تملأ جنبات قلبه، وتغمر حياته بنور إلهى مقدس، وشبع روحى فائض. كما أن روح الله يعطى الإنسان قدرة الضبط وقوة الإرادة.

3- ويمكن ضبط الجانب النزوعى، بمعنى منع الجسد من التحرك الفعلى نحو الخطيئة، حيث أننا ضبطنا بالروح الإنفعالات والحواس والسلوكيات، وهكذا ينجو الإنسان من الممارسات الخاطئة والتصرفات المنحرفة.

نيافة الأنبا موسى

مشاركة المقال