مار مرقس الرسول
مقدمة:
عزيزى الشاب تعالى نتعرف اكثر على من هو كاروز ديارنا مصر؟ من بشرنا بالسيد المسيح وسفك دمه فى شوارع الإسكندرية لنصير نحن مسيحيين ويصبح لنا كرسى الإسكندرية والبطريرك رقم 1 للكرازة المرقسية تعالوا نتعرف معا على من ندين له بمسيحتنا وارثوذكستنا… ترتبط كنيستنا بالقديس العظيم مارمرقس الرسول. وإذ تدرك الكنيسة هذه الحقيقة، ولها الوعى الكامل بأبوته، وأنه مدبرها الأول، وهو ناظر الإله الإنجيلى، الرسول الطاهر والشهيد.. كاروز. الكارز الذى بلغت أقواله إلى أقطار المسكونة، وتباركت به كل أقطار الأرض. خاصة أرض مصر.
هذا الرسول العظيم الذى أرسله رب المجد يسوع المسيح لكى ينير العالم ببشارة الملكوت، ويخرج البشر من الظلمة إلى النور…
هذا الرسول العظيم الذى ننتمى إليه، ونرتبط به، لأننا ولدنا فى المسيح يسوع بواسطته، وإليه يعود إيماننا الأقدس، كقول القديس بولس الرسول: “أنا ولدتكم فى المسيح يسوع بالإنجيل” (1كو 15:4). العظيم مارمرقس الرسول، كانت له شخصيته المتميزة، وثقافته العالية، وفكره الصائب، ورؤيته الثاقبة، انعكست على كرازته وخدمته فى كل مكان ذهب إليه ليبشر بكلمة الخلاص
أولا: ميلاد مار مرقس
ولد أبانا القديس مارمرقس فى القيروان، وهى إحدى الخمس المدن الغربية ليبيا والتى تسمى بنتابوليس.. وقد هاجرت أسرته إلى فلسطين، واستقرت هناك، وهو نفس الوقت الذى كان فيه السيد المسيح.
كانت مريم أم القديس مارمرقس، هى إحدى المريمات اللائى تبعن رب المجد يسوع المسيح، وهى أيضا إحدى اللائى ذهبن إلى القبر بعد موت الرب ودفنه… أما أبوه فهو أرسطوبولس، وكان إبن عم أو إبن عمة زوجة القديس بطرس الرسول. وكان القديس برنابا الرسول هو خال أو إبن عم القديس مرقس.
ثانيا: رسولية مارمرقس
إرتبط القديس مارمرقس بالسيد المسيح لـه المجد، وإنضم إليه. وتبعه مثل التلاميذ الأطهـار القديسين، وقد أرسله رب المجد ضمن السبعين رسولاً، الذين عينهم وأرسلهم أمام وجهه إلى كل مدينة وموضع… (لو 1:10-12)، وقد ذكر هذه الحقيقة كل المؤرخين منذ أقدم العصور من الأقباط والكنائس الأخرى والمسلمين أيضاً. وكنيستنا تؤكد وتثّبت لقب القديس مارمرقس كرسول فى كل طقوسها وألحانها الكنسية. وهذا عكس ما ينكره الكاثوليك عليه، فتجرده من كرامته الرسولية. بل ينسبون كل تعبه فى الكرازة إلى القديس بطرس الرسول!!.
ثالثا: بيت مارمرقس اول كنيسة فى العالم
وأيضاً ارتبط بيت القديس مارمرقس الرسول بالسيد المسيح له المجد. ففى هذا البيت كانت مريم والدة مرقس تستضيف الرب وتلاميذه. وفيه كانت أحداث ليلة القبض على مخلصنا الصالح حيث :
– أكل الفصح مع تلاميذه الأطهار (مت 17:26-20، مر 3:14-15، لو 10:22-12).
– غسل أرجل التلاميذ (يو 4:13-11).
– أسس سر الأفخارستيا. عندما أخذ الرب إلهنا خبزاً وبارك وكسر وأعطى التلاميذ قائلاً: خذوا كلوا هذا هو جسدى. وكذلك الكأس قائلاً: خذوا أشربوا منه كلكم لأن هذا هو دمى الذى للعهد الجديد… (مت 26:26-29، مر 22:14-25، لو 16:22-20).
ولأن بيت القديس مارمرقس كان مركزا للرب وجميع التلاميذ، وكان معروفاً لديهم، نجد فى هذا البيت :
– يختفى التلاميذ بعد صلب وموت السيد المسيح وقبيل قيامته المقدسة. وإلى أن جاءت إليهم مريم المجدلية لتخبرهم أنها وجدت القبر فارغاً وأنهم أخذوا السيد (يو 1:20-10)، ومرة أخرى بقيامة السيد المسيح وأنها رأته (مت 6:28-10، مر 6:16،7، لو 9:24-12).
– مكث التلاميذ بعد صعود رب المجد إلى السماء، وكانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة مع النساء ومريم أم يسوع ومع أخوته، وذلك فى علية صهيون التى هى إحدى قاعات البيت… (أع 12:1-14).
– اختار الروح القدس القديس متياس الرسول بدلاً من يهوذا الأسخريوطى. عندما ألقى التلاميذ قرعة بين يوسف ومتياس (أع 15:1-26).
– فى يوم الخمسين المقدس حلّ الروح القدس على التلاميذ الأطهار وتكلموا بألسنة لتبدأ الكرازة والخدمة فى الكنيسة منذ هذا اليوم العظيم (أع 1:2-4).
– جاء القديس بطرس الرسول بعد أن خرج من السجن بواسطة ملاك الرب، حيث كان التلاميذ والمؤمنون يجتمعون للصلاة من أجله “… ثم جاء وهو منتبه إلى بيت مريم أم يوحنا الملقب مرقس حيث كثيرون مجتمعين وهم يصلون…” (أع 12:12-16).
وهكذا… صار بيت القديس مارمرقس أول كنيسة فى العالم. وصار مركز كنيسة أورشليم، ومركز أسقفها القديس يعقوب البار، الذى صلى القداس الإلهى الأول فيه، وذلك فى يوم الأربعاء التالى ليوم أحد العنصرة.
رابعاً:انجيل مار مرقس
عاش القديس مارمرقس الرسول مع رب المجـد يسوع المسيح، سار معه فى كل مكان، وإلـى كـل موضع، وعاين خدمة الرب، ونظر أعماله ومعجزاته، وكان شاهداً لآلام السيد المسيح. ويذكر أنه :
– كان من التلاميذ الذين استقوا من الماء المتحول خمراً فى العرس بقانا الجليل.
– وأنه الرجل الذى كان يحمل جرة الماء، وتبعه تلميذا الرب إلى بيته لإعداد الفصح (مر 13:14).
– كان الشاب الذى تبع الرب فى بستان جثسيمانى، وهرب عرياناً تاركاً ملابسه عندما قبضوا على رب المجد… “وتبعه شاب لابساً إزاراً على عريه فأمسكه الشبان، فترك الإزار وهرب منهم عارياً” (مر 50:14-52).
ومن ثم كتب القديس مارمرقس إنجيله بوحى من الروح القدس. وبكل ما لديه من أخبار وأحداث عن حياة السيد المسيح، لأنه لمسها وشاهدها وعاينها بنفسه، لأنه كان معايشاً لها، ويتتبعها بكل تدقيق وتفاصيل… ويذكر أن إنجيل القديس مارمرقس هو أول وأقدم الأناجيل. وقد كتب ما بين سنتى 43م و67م باللغة اليونانية التى كانت سائدة وقتذاك. وهو يعتبر بذلك أول وثيقة تاريخية للتقليد المسيحى لحياة السيد المسيح على الأرض…
ولذلك من الغريب والظلم أن ينسب إنجيل مارمرقس إلى القديس بطرس الرسول بإعتباره “مذكرات بطرس” وإعتبار أن القديس مارمرقس كان سكرتيراً ومترجماً لبطرس الذى أملاه ما يكتب!!!.
خامسا: قداس مار مرقس
يعتبر أول قداس فى حياة الكنيسة هو الذى أقامه رب المجد فى عليه صهيون ببيت مارمرقس الرسول فى مساء الخميس الكبير، وهو يعتبر أساس جميع القداسات أو الليتورجيات التى كتبت بعد ذلك.
كذلك كتب القديس مار مرقس الرسول القداس الإلهى منذ الوقت المبكر للكرازة والخدمة بعد حلول الروح القدس فى يوم الخمسين. وهو نفس التوقيت الذى كتب فيه القديس يعقوب الرسول أسقف أورشليم الليتورجية التى صلى بها لأول مرة. وقداس القديس مارمرقس يعتبر أساس جميع القداسات، التى تصلى بها كنيستنا القبطية حتى اليوم. ومن المعروف أن القديس البابا كيرلس الكبير 24 (412-444) وقد أضاف عليه بعض الصلوات ثم نسب إليه، ويعرف باسم “القداس الكيرلسى”. وقد أكتشفت فى عام 1928 قصاصات بردية فى إستراسبورج ترجع إلى القرنين 4 و5 مكتوب عليها قداس القديس مارمرقس. كما توجد مخطوطات فى الفاتيكان لهذا القداس.
سادسا: كرازة مار مرقس
كانت كرازة القديس العظيم مارمرقس الرسول فى كل أنحاء العالم أجمع، وبه تباركت كل قبائل الأرض، وإلى كل أقطار المسكونة قد بلغت أقواله… لقد أنار هذا الكاروز المسكونى العالم بإنجيله المقدس، وعلم الخليقة كلها الآب والإبن والروح القدس… فى كل مكان وكل موضع ذهب إليه.
هذا الرسول الكارز المسكونى مارمرقس، كان يضئ نور المسيح الإله، ويفتح طريق ملكوت السموات أمام الجميع.. فى كل موقع وبقعة وطأت عليها قدما الرسول المسكونى مارمرقس كان يبدد الأوثان، ويسقط الأصنام، ويقيم مذبحاً للرب القدوس.
من ينظر إلى كرازة القديس مارمرقس الرسول، ويتطلع إلى عمله فى كل العالم، يدرك تماما مدى عظمة دوره الكبير كأحد السبعين رسولاً، الذين أرسلهم الرب إلهنا إلى كل أقصى الأرض. يدرك أيضاً مدى عظمة شخصيته التى يقودها الروح القدس، ويرشده فى كل شئ. وأنه ليس سكرتيراً أو مندوباً أو موفداً أو مرسلاً من قبل القديس بطرس كما يدعى البعض.
إن القديس مارمرقس الرسول كان يكرز باسم المسيح الفادى والمخلص فى أسيا وأوروبا وأفريقيا. كان يكرز فى وسط اليهود، وفى وسط الأمم، كان يكرز مع التلاميذ والرسل، وكان يكرز بمفرده، كان مارمرقس كارزاً مسكونياً بلا جدال… فنجده :
– كان يكرز مع القديس بطرس فى اليهودية، وأورشليم وبيت عنيا، بحكم صلة النسب التى بينهما.
– كان يكرز مع القديسين بولس وبرنابا فى رحلتهما الأولى، حيث ذهبوا إلى أنطاكية وسلوكية وبافوس وبرجة بمفيلية (أع 27:11-30، أع 4:13).
– عاد إلى أورشليم بعد أن فارق القديس بولس وبرنابا (أع 13:13)، وبعد حضوره مجمع أورشليم عاد مرة أخرى إلى أنطاكية مع القديس برنابا الرسول (أع 37:15).
– كان يكرز مع القديس برنابا الرسول فى قبرص، وسلاميس (أع 4:13،5، 39:15).
– كان يكرز فى كولوسى بأسيا الصغرى، كما ذكر القديس بولس الرسول فى رسالته إلى أهلها (كو 10:4).
– أيضاً كرز فى البندقية وأكويلا بإيطاليا.
– كرز فى الخمس مدن الغربية بليبيا حيث مسقط رأسه قبل حضوره إلى مصر. وقد صارت هذه المدن تابعة لكرسى الإسكندرية منذ ذلك الوقت، وأكد على ذلك مجمع نيقية 325.
سابعا: مار مرقس وكرازته لكرسى الإسكندرية
جاء القديس العظيم مارمرقس الرسول إلى مصر لكى يبشرها بكلمة الخلاص، وينادى باسم الرب يسوع المسيح الفادى والمخلص…
جاء إلى الإسكندرية نحو عام 61م قادماً من الخمس مدن الغربية بإرشاد الروح القدس وقيادته له. يقول ساويرس بن المقفع أسقف الأشمونين: لذلك ظهر له الروح القدس وقال له قم أمض إلى مدينة الإسكندرية، لتزرع فيها الزرع الجيد الذى هو كلام الله. فقام تلميذ المسيح ونهض وتقوى بالروح القدس، كمثل مقاتل فى الحرب، وسلم على الأخوة وودعهم وقال لهم: السيد المسيح يسهل طريقى لأمضى إلى الإسكندرية. وأبشر فيها بإنجيله المقدس. ثم عاد وقال: يارب ثبت “الأخوة الذين قد عرفوا إسمك المقدس. وأعود إليهم فرحاً بهم.. فشيعه الأخوة وتوجه إلى مدينة الإسكندرية…”.
– تقابل القديس مارمرقس مع حنانيا الأسكافى، وتحدث معه عن الإله الواحد يسوع المسيح، فآمن هو وكل أهل بيته. وعمدهم باسم الآب والإبن والروح القدس. فصار بيت الأسكافى البسيط هو باكورة المؤمنين فى أرض مصر.
– تخذ القديس مارمرقس هذا البيت مركزاً لكرازته وتبشيره وخدمته فإجتمع إليه الكثيرون. وآمنوا بالرب يسوع المسيح.
– كان القديس مارمرقس يجول ويطوف مدينة الإسكندرية متحدياً كل الصعاب والمقاومات. فزاد عدد المؤمنين كثيراً، وذاع صيتهم فى كل مكان.
– كان القديس مارمرقس يعمل فى ثلاثة إتجاهات من أجل تأسيس هذه الكنيسة العظيمة التى هى كنيستنا القبطية الأرثوذكسية.
1- التعليم. 2- العمل الرعوى.
3- الليتورجيا (القداس الإلهى).
وهذه الثلاثية التى لأبينا القديس مارمرقس الرسول هى ما تميز كنيسة الإسكندرية، وتعطيها العمق والروحانية، التى تحيا بها فى طريق الملكوت…
ثامنا: مار مرقس وتأسيس مدرسة الأسكندرية اللاهوتية
فى بادرة رائدة تدل على شخصيته المتميزة قام العظيم القديس مارمرقس الرسول – والوحيد عن جميع التلاميذ والرسل الآخرين – بتأسيس مدرسة الإسكندرية اللاهوتية (الكلية الإكليريكية)، لتكون أول معهد لاهوتى فى تاريخ المسيحية، وذلك من أجل شرح الإيمان المسيحى وتثبيته وتعميقه، وأيضاً لتواجه الفكر الوثنى والفلسفات المختلفة ومشكلات العصر..
ومن ثم نرى أن الدور الذى قامت به مدرسة الإسكندرية، كان له الأثر المباشر فى تكوين وصياغة الفكر اللاهوتى السليم، وفى تأكيد وتأصيل التعليم الكنسى بكل مفرداته الكتابية، والآبائية، والطقسية، والتاريخية، وأيضاً فى تحديد معالم الثقافة القبطية… لهذا أكد المؤرخون والعلماء أن مدرسة الإسكندرية صارت “عقل المسيحية”، وأعتبروها أقدم مركز للعلوم القدسية فى تاريخ الكنيسة.
ومن يتتبع مسيرة مدرسة الإسكندرية يجد :
– أن التعليم صار سمة كنيسة الإسكندرية عبر كل العصور. وغدت مرجعية لكنائس العالم شرقاً وغرباً. حتى أن بابا الإسكندرية لقب بـ “معلم المسكونة”.
– أن كنيسة الإسكندرية هى التى واجهت الهرطقات والتعاليم المنحرفة، وخاصة التى نادى بها كل من أريوس ومقدونيوس ونسطور وأوطاخى.. وذلك بسبب قوة الإيمان والتعليم للآباء البطاركة، الذين جلسوا على كرسى القديس مار مرقس. فهم من مديرى وأساتذة وتلاميذ هذه المدرسة اللاهوتية.
– أن آباء وأساتذة وعلماء هذه المدرسة، قد أسهموا وأثروا الكنيسة بأعمالهم وإنجازاتهم مثل: بنتينوس، أكلمنضس الإسكندرى، أثيناغوراس، العلامة أوريجانوس، ديديموس الضرير، وغيرهم.
– أن هناك الكثيرين من آباء الكنيسة فى العالم قد جاءوا للتلمذة والتعلم فى هذه المدرسة، أو منهم من تتلمذ على كتابات وفكر معلميها مثل باسيليوس الكبير، غريغوريوس الناطق بالإلهيات، يوحنا ذهبى الفم، وغيرهم…
لذلك قام قداسة البابا شنوده الثالث خليفة القديس مارمرقس الرسول 117 بتأسيس الكليات الإكليريكية والمعاهد الدينية فى مصر، فى أمريكا، فى أوروبا، فى استراليا. إمتداد لعمل العظيم مارمرقس الرائد. ومازالت هذه الكليات والمعاهد فى نمو حتى اليوم .
تاسعا :استشهاد مار مرقس
– أسس القديس مارمرقس كرسى الإسكندرية عندما قام بسيامة حنانيا أسقفاً باسم “الأنبا إنيانوس” ومعه ثلاثة كهنة وسبعة شمامسة، ورتب كاروز مصر ومدبرها الأول، الخدمة فى كنيسة الإسكندرية، قبل أن يغادرها إلى الخمس مدن الغربية، بناء على طلب المؤمنين بسبب عزم الوثنيين التخلص منه وقتله.
– عاد القديس مرة أخرى إلى مصر عام 68م، فوجد إزدهار الكنيسة ونموها. وقد تم بناء كنيسة فى شرق الإسكندرية وهى كنيسة بوكاليا… وقام بإفتقاد رعيته وزيارة البلاد المصرية يثبت الإيمان وينشر التعاليم المسيحية السامية، مما هز أركان الوثنية فلقب بـ “مبدد الوثنية”…
– وفى يوم 29 برموده وفى ليلة عيد القيامة المجيد، هجم الوثنيون على الكنيسة، وقبضوا على القديس مارمرقس الرسول، وربطوه بحبل طويل، وجروه فى الشوارع بكل قسوة حتى تمزق جسده، وتخضبت الأرض بدمه الطاهر…
أودعوه فى السجن حيث ظهر له رب المجد يسوع المسيح قائلاً: “يا مرقس يا تلميذى الإنجيلى، ليكن السلام لك” فصرخ القديس قائلاً: “يا سيدى يسوع”.
وفى صباح يوم 30 برموده ربطوه بحبل من عنقه وسحلوه مرة أخرى فى شوارع الإسكندرية، وما لبث أن انفصلت رأسه عن جسده وانطلقت روحه الطاهرة إلى الفردوس لينال ثلاثة أكاليل نورانية: إكليل الرسولية، وإكليل البشارة، وإكليل الشهادة…
– أخذ المؤمنون جسد القديس مارمرقس الطاهر ورأسه إلى كنيسة بوكاليا، ووضعوه فى تابوت وصلى عليه خليفته الأنبا إنيانوس، وتبارك منه الجميع، ثم دفنوه فى قبر نحتوه خصيصاً له. وسميت الكنيسة باسمه، فكانت أول كنيسة فى مصر تحمل اسم قديسنا العظيم مارمرقس الرسول.
عاشرا: ماذا نتعلم من الكاروز مار مرقس
ختاما
ترتبط كنيستنا بالقديس العظيم مارمرقس الرسول. وإذ تدرك الكنيسة هذه الحقيقة، ولها الوعى الكامل بأبوته، وأنه مدبرها الأول، جعلت هناك تقليداً ظل إلى زمن البابا بطرس السادس 104 (1718-1726) بأن كل بطريرك جديد يجلس على كرسى مارمرقس الرسول، يذهب أولاً إلى الموضع الذى فيه رأس مار مرقس، يقبلها ويحتضنها، ويضع لها الكسوة الجديدة…
كما ظلت الكنيسة عبر قرون كثيرة تتطلع إلى جسد أبينا القديس مارمرقس الذى سرقه أهل البندقية بإيطاليا عام 828. حتى جاء البابا كيرلس السادس 116 (1959-1971)، واخترق هذا الحاجز الزمنى. وسعى ببنوته للقديس مارمرقس أن يعيد رفاته المقدس إلى كنيسته. وكان يوماً مشهوداً فى تاريخ كنيسة الإسكندرية فى يونيو عام 1968.. وقد عبر القمص بيشوى كامل عن ذلك بقوله: “… ودليل إنشغال مارمرقس بنا هو رجوع جسده إلينا بعد 11 قرناً متغرباً عن الإسكندرية، وكأنه يقول: أنا لا أستريح إلا بين أبنائى”.
نحن مازلنا نعيش أبوة كاروزنا العظيم مارمرقس الرسول، ونتمتع بها، وننال بركتها، ونشعر بوجوده فى كنيسته. وهو أيضاً يتطلع إلى أولاده، ويشعر بهم وبأبوته نحوهم. بل بمسئوليته تجاهم… مازال القديس مارمرقس الرسول يعمل فى الكنيسة حتى اليوم، فهو الأب الذى يدرك أبعاد رسالته الرسولية، ودوره الأبوى والرعوى أمام الله، لذلك يقبل إلهنا القدوس صلوات وطلبات القديس مارمرقس الرسول من أجل كل خدمة فيها وكل عمل بها، ومن أجل جهادها ونموها وشهادتها لملكوت الله.. فهو الكارز والمدبر والشفيع لكنيستنا.
لنصلى دائما ونقول مع الكنيسة الذكصولوجية الخاصة بأبينا القديس مارمرقس الرسول: “يا مرقس الإنجيلى الشاهد لآلام الإله الوحيد، أتيت وأنرت لنا بإنجيلك، وعلمتنا الآب والإبن والروح القدس، وأخرجتنا من الظلمة إلى النور الحقيقى، وأطعمتنا خبز الحياة الذى نزل من السماء. تباركت بك كل قبائل الأرض، وأقوالك بلغت إلى أقطار المسكونة.. السلام لك أيها الشهيد، السلام للإنجيلى، السلام للرسول مرقس ناظر الإله. أطلب من الرب عنا يا ناظر الإله الإنجيلى مرقس الرسول ليغفر لنا خطايانا”.
المقال مأخوذ بتصرف عن كتاب مار مرقس للأستاذ أمير نصر