الإيدز… طاعون العصر… الذى يحصد ثلاثة ملايين كل عام… ويغزو أجساد ملايين أخرى غيرها… ليحولهم إلى قنابل موقوتة مختفية، لا يحس بها أحد، وتنفجر فى كل لحظة بهدوء، لتصيب آخرين غيرهم…
وينبغى أن نلاحظ أن مرض الإيدز، هو عرض لمرض أخطر، أصاب مجتمعاتنا الإنسانية، حين أصابها الفقر والقلق، والإحساس بالظلم والعجز، مما دعا أجيالنا الصاعدة أن تحيا التوتر الداخلى والخارجى، وهكذا يبحثون عن لذة تعويضية فيجدوها فى الإنحراف الجنسى، أو ادمان المخدرات، فيسقطون بعد ذلك صرعى الإيدز الرهيب!
لهذا دعونا نتمنى، ونصلى، ونحلم، ونعمل من أجل أهداف أراها هامة فى مكافحة هذا الداء الوبيل:
أولاً: تكوين شخصيات متكاملة للشباب:
نحتاج أن نعمل جميعاً فى سبيل تكوين شخصيات متكاملة للشباب، من خلال أنشطتنا الدينية والثقافية والتعليمية والإعلامية والصحية، لكى نحصل على شباب يتسم بما يلى:
1- الروح الشبعانة : بالإيمان بالله، وبالكتب المقدسة، والحياة الأمينة، المواظبة على الصلاة وحفظ الوصايا الإلهية. ذلك دورنا فى دور العبادة واجتماعات التعليم للأطفال والفتيان والشباب والخريجين، مع إعداد الأجيال لخدمة بعضها بعضاً فى هذا الاتجاه البناء.
2- الذهن المستنير : بالثقافة الدينية والعامة، التى تمكن شبابنا من اقتناء ذهن يفرز الغث من السمين، ويختار من وسائل الاتصال والإعلام، وحتى من بين أصدقائه، ما يبنى حياته الشخصية، والأسرية، والاجتماعية. هذا الشباب سيرفض كل ما يدمر حياته مثل: التدخين والمسكرات والمخدرات والدنس… وبذلك يتقى شر الإيدز.
3- النفس المنضبطة : حيث يضبط الشباب عواطفه وغرائزه بنعمة الله، وبالجهاد الروحى المقدس، إذ يقول الكتاب: “كل من يجاهد يضبط نفسه فى كل شئ” (1كو 25:9). وهكذا
لا يتحول الإنسان إلى عبد للذة آثمة أو مشورة مدمرة.
4- الجسد الصحيح : وكيف لا يكون جسده صحيحاً من ابتعد عن كل الآفات، واهتم بالرياضة، والغذاء، والصحة، والراحة المطلوبة. من هنا كانت الأنشطة الرياضية والكشفية هامة فى تكوين شخصيات متكاملة وأجساد سليمة.
5- العلاقات الناجحة : فهذه إحدى علامات نضوج الشخصية، فالإنسان الناضج يتخلى عن الأنانية، ويحب العطاء، ويحيا الاحساس بالسعادة والتوازن، وتكون شخصية مستقلة معرفيا ووجدانيا، وقراراته سليمة وبناءة… وبذلك لا يسقط فريسة الإيدز وماعداه من الأمراض المنقولة جنسياً
Sexually Transmitted Diseases (STDS).
ثانياً: الدعوة إلى العفة:
فالعفة هى أهم طرق الوقاية من الإيدز، وقد قال لى بعض أبنائنا فى المهجر، نحن نرفع شعار: “بدلاً من الجنس الآمن، وفرُ طاقتك لزواج مقدس” Instead of safe sex, save sex.
فأكذوبة الجنس الآمن تحوُل شبابنا إلى عبيد للذة، ومدمنين للجنس Sex Addicts وهذا معروف فى العلم الآن، فالشباب فى الغرب يمارسون الجنس قبل الزواج، حتى الجنس الغيرى الطبيعى، بمعدلات كبيرة فى فترة المراهقة، مما زاد من عدوى الإيدز فى البنات. وبينما كنت أستقل طائرة فى الولايات المتحدة، وجدت جريدة “مانشيت” صفحتها الأولى يقول:
The only protection from AIDS is abstinence.
“الوقاية الوحيدة من الإيدز هى الامتناع والعفة”.
فماذا دهانا الآن، ونحن نعثر شبابنا بملايين مواقع البورنوجرافى Pornography على الانترنت، والشاشات الفضائية، ناهيك عن العلاقات الخاطئة، خارج الزواج.
وأود أن أذكر هنا عبارة سمعتها من أبنائنا فى المهجر تقول:
Don’t hang your life on a piece of rubber.
“لا تعلق حياتك على قطعة من المطاط”…
تعالوا ننادى بالعفة، وهى ثمرة طبيعية للبند السابق، أى الشخصية المتكاملة.
ثالثا: خفض مشاعر القلق:
فها نحن نرى القلق يستشرى فى كل مكان، وعلى كل المستويات: فهناك القلق الشخصى: على الدراسة والعمل والزواج والحصول على سكن والمستقبل عموماً. والقلق الأسرى: وهو مجموع قلق الأفراد، وما يحيط بالأسرة من مشاكل مادية ونفسية واجتماعية. ثم القلق الوطنى: مع الحراك الاجتماعى والسياسى فى بلادنا كلها. وبعد ذلك القلق الاقليمى: حيث الحروب والمنازعات، والقلق العالمى: حيث الحرب ضد الارهاب…
هذا يقود شبابنا إلى التوتر النفسى، الذى يدفعهم إلى الخطيئة، فالإيدز.
نحتاج إلى جرعات سلام على كل المستويات، وإلى العمل من أجل السلام، بدلاً من نشر المنازعات والحروب.
رابعاً: التشجيع على الزواج:
الذى صار أمراً عسيراً على ابنائنا وبناتنا، بسبب نفقاته الباهظة، من شبكة إلى حفلات، إلى أثاث، إلى سكن…
هل نوجه نداءً من هذه القاعة إلى ساسة الدول أن يلجأوا إلى الحلول السياسية للمشاكل، بدلاً من الحروب، وأن يوفروا بعضاً من نفقاتها ونفقات سباقات التسلح عموماً، من أجل بناء مساكن اقتصادية، واجاد فرص عمل، واقامة مشروعات تنمية. هل هو حلم غير واقعى؟ فليكن، لكن دعونا نحلم، ونصلى، ونعمل، ونعارض شن الحروب وسباقات التسلح.
خامساً: مواجهة الإيدز :
نحتاج أن نتجند فى حملات توعية وقائية، تشرح للأجيال الصاعدة ما هو الإيدز؟ وكيف تنتقل عدواه؟ وكيف الوقاية منه؟ وماذا عن مريض الإيدز؟ إنه فى الغالب ضحية وليس مجرماً… ومخالطته لرعايته لا تصيبنا بالعدوى… ولكن كيف يكون ذلك؟
+ ماذا عن أهمية الفحص قبل الزواج؟ وما هى أعراض الإيدز؟ وأساليب علاجه… الخ.
+ ونحتاج إلى تكثيف البحوث لإيجاد علاج ناجح لهذا المرض الخطير.
+ كما نحتاج إلى خفض نفقات العلاج، فالأدوية المتاحة غالية السعر.
مرة أخرى… هل هى أمنيات؟ أم صلوات؟ أم عمل دءوب؟ أم كل ذلك معاً.
أعاننا الله فى خدمة أجيالنا… وشكراً،