وأمتلاْ الجميع – نيافة الأنبا موسى

الرئيسية / وأمتلاْ الجميع – نيافة الأنبا موسى

1- الأمتلاء أولاً :

أشترط الرب يسوع إنهاء مهمته الخلاصية على الأرض، وموته وقيامته المجيدة، وصعوده إلى السموات، لكى يأتينا المعزى. ذلك أنه حينما أنبأ الرب تلاميذه الأطهار بأنه ماض الى الآب الذى أرسله، ملأ الحزن قلوبهم، إذ رأوا فيه السند والنور والفرح الحقيقى. لكن الرب قال لهم: “أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّى، وَلَكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ” (يو 7:16).

وهنا اطمأن الآباء الرسل إلى أن الرب لن يتركهم يتامى، ولن يتخلى عن مساندتهم فى رحلة الملكوت، وذلك بإرسال الروح المعزى إليهم، روح القوة، وقال لهم: “وَهَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ مَوْعِدَ أَبِى. فَأَقِيمُوا فِى مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِى” (لو 49:24)، “وَأَخْرَجَهُمْ خَارِجاً إِلَى بَيْتِ عَنْيَا، وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَبَارَكَهُمْ” (لو 5:24)، “وَفِيمَا هُوَ يُبَارِكُهُمُ، انْفَرَدَ عَنْهُمْ وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ. فَسَجَدُوا لَهُ وَرَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ، وَكَانُوا كُلَّ حِينٍ فِى الْهَيْكَلِ يُسَبِّحُونَ وَيُبَارِكُونَ اللهَ” (لو 51:24-53).

ويستمر معلمنا لوقا فى سرد القصة، فيقول فى سفر الأعمال: أن الرسل اعتكفوا للصلاة، فى علية صهيون، بيت مارمرقس، لمدة عشرة أيام، وفى يوم الخمسين حّل الروح القدس عليهم، فى هذه الصور الثلاثة: الريح وألسنة النار، واللغات العجيبة، وقف بطرس يتحدث بالعبرية، وهى اللغة التى كان يعرفها الكل … فالكل كانوا:

1- إما يهوداً من أبناء البلد…

2- أو يهوداً يعيشون فى الشتات… أى البلاد الأخرى مثل مصر وانطاكية وآسيا… الخ.

3- أو أممين من بلاد العالم المختلفة، لهم جنسياتهم ولغاتهم، ولكنهم آمنوا بالديانة اليهودية وتعلموا العبرية، وجاءوا لحضور الأعياد.”وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ أُخْرَى كَمَا أَعْطَاهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا” (أع 4:2)،

 

2- الخدمة والكرازة :

تحدث معلمنا بطرس عن السيد المسيح، وكيف أنه الإله الذى تجسد، وفدانا على الصليب، وقام من الأموات، وصعد إلى السموات، وأرسل لنا الباراكليت (أى المعزى) ثم نادى على الناس أن يتوبوا، ويؤمنوا بالمسيح الفادى، ليقبلوا عطية الروح القدس. فلما فعل الناس ذلك، وكان عددهم نحو 3000 نفس، عمَّدهم التلاميذ بالتغطيس فى النهر، وقبلوا الروح القدس، وصاروا هيكلاً مقدساً له.

وكان هذا تتميماً لوعد الرب، أنهم “سينالون قوة”. وقد استمر روح الله يعمل معهم وفيهم، حتى غيروا وجه التاريخ، ونشروا المسيحية فى كل العالم المعروف آنذاك، حسب خطة مقدسة حددها لهم الرب، حينما قال لهم: “لَكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ وَتَكُونُونَ لِى شُهُوداً فِى أُورُشَلِيمَ وَفِى كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ” (أع 8:1).

وهكذا بدأت “الكنيسة” (اكليسيا)، أى جماعة المؤمنين، المقودة بالاكليروس، والمجتمعين معاً حول جسد الرب ودمه فى الافخارستيا، بحضور الملائكة والقديسين.

لذلك يسمى البعض عيد حلول الروح القدس أنه “عيد ميلاد الكنيسة” وهذا تعبير مجازى، فالكنيسة تشمل كل مؤمنى العهد القديم، الذين نقلهم الرب بموته من الجحيم إلى الفردوس. الكنيسة هى الجسد، والمسيح هو الرأس!! الكنيسة هى العروس، والمسيح هو العريس!!

وبخدمة الآباء الرسل، انتشرت المسيحية إلى كل العالم، وبخاصة بسبب رحلات بولس الرسول. لذلك يسمى البعض سفر أعمال الرسل، سفر “أعمال الروح القدس”…

مشاركة المقال